يخالف فيه. وأمّا اشتراطه وجوده حين عقد السلم، فنحن والشّافعي نخالفه فيه، على ما بيّناه في كتاب السلم من سبب الاختلاف بيننا وبينه في هذا. وهذا بيان حكم شراء ما لم يخلق وهو في الذّمّة أو مسند إلى معيّن.
والجواب عن السؤال الثّالث أن يقال: قد تقدّم فيما سلف ذكر المنع من شراء ثمرة قبل الزّهوّ بشرط التّبقية، وذكرنا ها هنا في هذا السؤال الّذي فرغنا من جوابه الآن أنّ مالكًا إنّما يجيز بيع القصيل بشرط تأخيره إذا كان التّأخير المقصود به حضور الحاجة إليه. ويَمنع منه إذا كان القصد به أن تزيد أجرامه وتظهر أجسامه, لأنّ ذلك شراء المجهول لم يخلق بعد. وإذا منع ذلك إذا كان القصد بشرط التّأخير إلى أن يتحبّب, لأنّ هذا يمنع منه للحديث الوارد:
"بالمنع من بيع الثّمر حتّى يزهى وبيع الزّرع حتّى يبيضّ" (?) الحديث كما تقدّم ذكره. فإن لم يشترط مشتريه تأخيره حتّى يصير حبًّا, ولكنه تحبّب قبل أن يجذّه فالبيع فاسد، كما يفسد إذا اشترى ثمرة قبل الزّهوّ على القطع، فيتركها حتّى أزهت. ويكون الحكم ها هنا في تركها من غير شرط كحكمها إذا تركت بشرط في أصل العقد. فإن اشترى الرّأس كلّه واشترط خليفته فتحبّب الرأس كله، فإنّ البيع يبطل في جميع الصفقة كلّها في الرّأس وفي الخلفة, لأنّ الخلفة إنّما جازت لكونها تبعًا، فإذا بطل البيع في المتبوع، بطل في التّابع. وهذا إذا تحبّب الرّأس بتعمّد منهما وتراخ يتّهمان معه على أنّهما أضمرا اشتراط ذلك حين العقد. وأمّا إن كان ذلك بتواني المشتري وامتناعه من جزّ القصيل، فإنّه يجري على القولين في الغلبة في الصّرف. وقد ذكرنا ذلك في كتاب الصّرف وذكرنا ما قيل في ذلك في هذه المسئلة أيضًا هناك.
وإذا تحبّب بعض الرّأس، وكان العقد على الرّأس خاصّة دون الخلفة، فإنّه يبطل البيع فيما تحبّب منه خاصّة، وفيما قابل ذلك من الخلفة المشترطة،