تغيّر الحيوان، فلهذا رآه مفيتًا. فحصل من هذا أنّ الاعتبار بالتّعيين (?) بالذّات أو السوق. والتغيّر قد يكون مدركًا محسوسًا، وقد يكون مستدلاّ عليه بطول زمان، فيقع الاختلاف في تحديد هذا الزّمن الّذي يستدلّ به على التّغيّر.
وأمّا المكيل والموزون فإنّه إذا لم يتغيّر في ذاته ولا في سوقه، فإنّه يفسخ البيع فيه لعدم ما يفيته. وإن تغيّر في ذاته أو انعدمت ذاته ولم يتغيّر في سوقه، فإنّ الواجب ردّ مثله لأنّ مثله يقوم مقام عينه. وقد فرضنا أنّ عينه إذا لم تتغيّر ولا تغيّر سوقه أنّ الفسخ فيه واقع.
فإذا تغيّرت عينه أو انعدمت، وانضاف إلى ذلك تغيّر سوقه، فإنّ في المذهب قولين: أحدهما، وهو المشهور، أنّ تغيّر السوق فيه لا تأثير له، ولا يعدّ فوتًا. وذهب ابن وهب وغيره إلى أنّ تغير السوق فيه يعدّ فوتًا مع قيام العين أو انعدامها. وهذا الّذي قاله مقتضى طرد التّعليل الّذي قدّمناه مرارًا، من الالتفات إلى المعادلة بين المتبائعين في كون أحدهما لا يختصّ بضرر، إذا وقع الفسخ، دون صاحبه. ومقتضى هذا أن يوجب القيمة إذا وقع الفسخ في المكيل والموزون لأجل تغير سوقه. فإذا قضينا بذلك، انتفى الضّرر عن اختصاصه بأحدهما دون الآخر.
وكأن من ذهب إلى القول المشهور يرى أنّ العرض إذا تلف، قضى بقيمته. وإذا تغيّرت سوقه مع وجود عينه، جرى ذلك مجرى تلف عينه فتجب القيمة. فلمّا كان الإتلاف لعين العرض كتغيّر سوقه، وكان إتلاف عين الموزون والمكيل يوجب مثله، وجب أن يكون تغيّر سوقه كإتلاف عينه أيضًا، فيجب فيه المثل إن عدمت عينه، ويردّ بعينه إن بقيت العين موجودة، لكون عينه بالرّدّ أولى من ردّ مثلها. فمقتضى هذا لا تؤثّر حوّالة السوق فيه لما بيّناه. ولا يجب العدول عن أصل الشّرع المقرّر فيه في غرامة مثله إن أتلف إلى غرامة قيمته من غير دليل يلجي إلى الخروج عن هذا الأصل المقرّر فيه.