المواضع الّتي تأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى. فإذا تقرّر حكم الفوت في العقار، فإنّ العروض يفيتها في البيع الفاسد ذهاب عينها، وتغيّرها في ذاتها، أو تغيّر أسواقها. وهذا لمَا قدّمناه من المعادلة بين المتبايعين في نفي الضّرر عنهما. فلو قضينا بردّ العين بعد تغيير (?) ذاتها أو تغيير (1) سوقها لألحقنا بأحدهما ضررًا دون صاحبه، وهما قد استويا في سبب الفسخ دخلا فيه مدخلًا واحدًا. بخلاف الرّدّ بالعيب، فإنّ العروض لا يمنع من ردّها تغيّر سوقها لمّا كان العيب من جهة البائع دون المشتري. وقد يظنّ بالبائع أنّه علم به، فلم يبيّنه أو فرّط في الكشف عنه لمّا باع سلعهُ على أنّها سالمة، والمشتري يقدّر أنّ الأمر على ما أظهره البائع له. وكذلك يفيت العروض أيضًا، في البيع الفاسد، نقلُها من بلد إلى بلد، لكون ردّها إلى البلد الّذي بيعت فيه لا يمكن في غالب العادة إلاّ بمشقّة سفرها وأداء إجارة على حملها.
وأمّا الحيوان، فإنّه يفيته حوَالة الأسواق أيضًا، وأمّا نقله من بلد إلى بلد، فإنّ ذلك لا يفيته لكونه لا يفتقر إلى حمل بل يمشي بنفسه. بخلاف العروض الّتي لا تنتقل بنفسها. وإذا انتفت المضرّة في ردّه وكان علة الفوت لحوق المضرّة بأحد المتبايعين وجب في الحيوان أن لا يكون نقله فوتًا. لكن مقتضى هذا التّعليل أن يكون إذا تصوّر فيه الضّرر بركوب غرر في ردّه أو غير ذلك مِمّا في معناه أن يلحق بالعروض ويكون نقله فوتًا. واختلف في مجرّد طول زمان مرّ على الحيوان ولم يتغيّر الحيوان في ذاته ولا في سوقه، هل يكون فوتًا؟ فذكر في كتاب العيوب من المدوّنة أنّ مرور شهر عليه يكون فوتًا له. وذكر في كتاب السلم أنّ الشّهر والشّهرين لا يكون فوتًا. واعتقد بعض أشايخي أنّ هذا قول على الإطلاق. وليس الأمر كذلك، وإنّما هو اختلاف قول في شهادة بعادة (?).
لأنّه أشار في المدوّنة إلى أنّ المقدار الّذي حدّه من الزّمان لا يمضي إلاّ وقد