شرح التلقين (صفحة 1647)

شربه ممنوع، والانتفاع به جائز على أحد القولين. فأجاز في المدوّنة أن يعلف العسل النّجس للنّحل. وأجاز أيضًا ما في جباب انطابلس (?) إذا سقطت فيه دابّة، أن يسقي المواشي. ولكنّه لم يذكر كون نجاسة هذه الدّابّة غلبت على الماء. وقيل: لا يطعم ما عجن به لداجن ولا لكافر، وأجراه مجرى الميتة.

وقيل: يقصر هذا المنع على تغذية حيوان يؤكل لحمه دون ما لا يؤكل لحمه، لكون ما يؤكل لحمه قد يستباح بالتّذكية فيؤكل وقد خالط لحمه شيء من الأجزاء النّجسة، بخلاف سقي الشّجر به والزّرع، لكون هذه الأجزاء النّجسة استحالت، وكأنّها انعدمت في الزرع والشّجر إذا صار الزّرع حبًّا وأثمر الشجّر.

وأنت إذا أجريت هذه الرّوايات على أسلوب واحد، علمت أنّ الانتفاع بالنّجس مختلف فيه في المذهب على قولين. وقد (?) أشار إلى التّفرقة بين الحيوان المأكول وما لا يؤكل، فإنّما ذلك لمعنى آخر وهو كون تغذية ما يؤكل لحمه بذلك يقتضي إباحة أكل النّجس أو شربه. وقد وقع في الحديث الّذي تقدّم ذكره أنّه عليه السلام لمّا قيل له في شحوم الميتة: إنها تطلى بها السفن ويستصبح بها النّاس، فقال: "لا، هو حرام". وقد ذكرنا في كتابنا المعلم ما المراد بقوله: "لا، هو حرام" هل هو البيع، الّذي ذكره في صدر الحديث، وما اعتذر له به من الحاجة إلى استعماله مباح (?)، ولكنّه ليس بعذر في جواز البيع؟ أو المراد بقوله: لا، هو حرام، الاستصباح بذلك وطلي السفن.

والجواب عن السؤال الرّابع أن يقال: أمّا جلود الميتة، فإنّ الانتفاع بها قبل الدّباغ ممنوع عندنا لكونها نجسة. والنّجَس لا ينتفع به على حسب ما قدّمناه. وأمّا حكمها إذا دبغت، فإنّ المذهب على قولين: هل تطهير بالدّباغ طهارة كاملة فإن بيعها جائز لإباحة جملة منافعها. وإن قلنا: إنّها لا تطهير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015