شرح التلقين (صفحة 1397)

كون المحبوس بالثمن ضمانه من بائعه لا من مشتريه. وأما إذا قيل: إن ضمان المحبوس بالثمن من مشتريه، فإن هذا لا يختلف فيه بناء على هذا الأصل.

وكذلك اختلف فيمن اشترى جزءًا من ثمرة فأراد أن يبيع ذلك الجزء قبل قبضه، وكذلك اختلف فيمن باع ثمر نخلة أو صبرة طعام واستثنى منها ما يجوز له استثناؤه من المكيلة، وهو الثلث فأقل منه، وأراد أن يبيع هذا المكيل الذي استثناه قبل قبضه فإن فيه روايتين: الجواز والمنع؛ ولكن هذا مبني على أصل آخر وهو الخلاف في المستثنى هل هو مبقى على الملك فيجوز لمستثنيه أن يبيعه قبل قبضه كسائر ما يريد أن يبيعه من أملاكه، أو يقدِّر أن المستثنى مشترى فيكون البائع لما استثنى هذه المكيلة فكأنه باع الصبرة بدنانير وهذه المكيلة التي استثناها، فيكون مشتريًا لها، ومن اشترى طعامًا على الكيل منع من بيعه قبل قبضه. وأما لو مكن بائع الصبرة مشتريها منها ولم يحلها بالثمن فإن مالكًا أجاز شراءها قبل أن تنقل. وروي عنه أنه استحب ألا تباع حتى تُنقل. وبالمنع من بيعها قبل قبضها قال أبو حنيفة والشافعي لما روي عن ابن عمر في الصحيح أنه قال: كانوا يُضْربون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطعام إذا اشتروه جزافًا، لا يبيعونه حتى ينقلوه إلى رحالهم (?). وروى مالك في الموطأ هذا الحديث ولم يقل فيه: "جزافًا" بل أورده مطلقًا (?).

وأما الفصل الثاني فهو الكلام في الإقالة على الطعام والشركة والتولية وبأن الترتيب ينبغي أن يتكلم على الفصل الثاني وهو صفة الملك للطعام الممنوع من بيعه قبل قبضه، اتباعًا لرتبة الكتاب الذي شرحناه، وأيضًا فإن الكلام في صفة الملك قبل الكلام فيما استثنى من الممنوع فيه، ولأنا قدمنا في كتاب السلم الأول العذر في ذلك، وهو أن الأصحاب رغبوا في توخي ترتيب المدونة في كتاب السلم، فجرينا على ذلك فيها، ولكن دعت الضرورة إلى أن تقدم الكلام على منع بيع الطعام قبل قبضه، ثم نعطف عليه الكلام في الرخصة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015