المبيعة على قيل أو وزن أو عدد فلا خلاف عندنا، وعند فقهاء الأمصار، في المنع منه على ما مضى بيانه. وأمّا ما لا ربا فيه من الأطعمة فالمشهور عندنا من المذهب المنع من بيعه قبل قبضه أيضًا. وروى ابن وهب عن مالك جواز بيعه قبل قبضه.
فأما المذهب المشهور فحجته قوله عليه السلام "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه" (?) تعم سائر الأطعمة.
وأما رواية ابن وهب فقد أشرنا إلى وجهها، وكأنه رأى الطعام لما خصّ بالعبات (?) منه ويدخر فتحريم الربا فيه لشرفه وكونه حافظًا للحياة، وكذلك يخص بالمنع من بيعه قبل قبضه. وهذا المسلك بعيد، على مقتضى حقائق الأصول؛ لأنه يختص (?) للعموم بهذا الضرب من الاستدلال المأخوذ منه، فكأنه تعليل للخبر (لما يقتضي عمومَه) (?) فصار كالفرع إذا عاد ببطلان أصله.
فإذا قلنا بالمذهب المشهور من تعميم المنع من (?) سائر الأطعمة فإن الزرارع منها ما لا يجري مجرى ما ينبت منها، إذا لم تكن مأكولة في نفسها في غالب الأمر، فلهذا أبحنا زريعة الفجل الأبيض وزريعة الكراث والقثاء والبطيخ وشبه ذلك. فهو، وإن كان ينبت منه الطعام المأكول، فليس هو الآن بالطعام الذي اعتيد أكله، لكن لو كان زريعة الفجل الأحمر لمنع من بيعها قبل قبضها لكونها يعتصر منها الزيت، ولهذا تُراد، وأعطيت حكم الزيت لما كانت لا تراد إلا له.
وكذلك قيل في حب العصفر أنه يمنع قبل قبضه لأجل أنه إنما يراد منه الزيت الذي يعصر منه.
والخردل أُلْحق بالطعام لأنه يؤكل في نفسه فلحق بالأطعمة. بخلاف