عندنا. وأصحاب الشافعي ينوعونه فيرون أن الحيوان الناطق إذا بيع فقبضه أن يستدعَى فينتقل من مكانه إلى المشتري الذي استدعاه. والحيوان البهيم أن يقاد من مكانه، إلى غير ذلك مما تعتبر فيه العادة في قبضه. وأبو حنيفة يرى أن التخلية والتمكين من المبيع قبض. ويحتج أصحاب الشافعي بالحديث الذي قدمناه، وهو قوله "نهى عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم" ويقول ابن عمر: كانوا يضربون على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوا الطعام الذي اشتروه جزافًا قبل أن ينقلوه (?). وهذا الظاهر يمنع من الاقتصار في القبض على التخلية والتمكين، وإن كان ظاهر الحديث يقتضي أن لا يكتفي بتحويل المبيع عن مكانه حتى يصل إلى منزل المشتري، فإن اعتبار وصوله إلى منزله وما قبله من النقل عن المكان خاصة يُمنع لظاهر الحديث.
والجواب عن السؤال الثالث أن يقال:
اختلف أهل المذهب في منع بيع الطعام قبل قبضه: هل الحديث الوارد في ذلك شرع غير معلل أو معلل يكون العِينة يستعمل فيه؟. ومذهب القاضي أبي الفرج والقاضي أبي محمَّد عبد الوهاب أنه معلل بالعِينة. وقد ذكرنا كلام أبي الفرج وتردده في ذلك، وإشارته إلى أنه يحرم تارة لأجل العينة وتارة للخبر، ثم مال إلى اعتبار العينة وتعليل الحديث بها، ورأى أنها إذا ارتفعت ارتفع حكمهالأولكنه شرط في هذا أن يكون البيع بالنقد. وقد أشار ابن مزين إلى اعتبار النقد أيضًا في هذا. وكنا قدمنا نحن عن بعض أصحاب الشافعي أنه أشار إلى أنه إنما أشار بالذكر لكونه تمس الحاجة إليه لحفظ الحياة بأكله، فإذا منع بيعه قبل قبضه مع هذه الحاجة إليه فأحرى أن يمنع ما سواه. ويمكن عندي على أصلنا إنما خص بالذكر لشرفه كما يخص بتحريم الربا على رواية ابن وهب؛ لأنه لا يمنع بيع ما لا ربا فيه من الطعام قبل قبضه.
والجواب عن السؤال الرابع أن يقال: ما يمنع التفاضل فيه من الأطعمة