أجريت مجرى واحدًا (?) (?) وإن كان مشقة ذلك في بعضها أشد من مشقته في بعض. وهل يذهب حكم الاستصحاب عما فعل من بعض أجزائها ولم يكمل؟.
اختلف الشيخان رضي الله عنهما أبو محمَّد وأبو الحسن في تأويل مسألة المدونة فيمن مس ذكره في غسله من جنابته بعد أن غسل أعضاء وضوئه. هل عليه إذا أعاد غسل أعضاء وضوئه تجديد نية أم لا؟ قال أبو محمَّد يجدد النية، وقال الشيخ أبو الحسن ليس ذلك عليه.
وسبب اختلاف الرجلين: اختلاف المذهب في ارتفاع حكم الحدث عن الأعضاء المغسولة قبل إكمال الطهارة. فقد قيل فيمن غسل بعض أعضاء وضوئه أن حكم الحدث قد ارتفع عنها قبل إكمال وضوئه، وقيل لا يرتفع عنها حتى يكمل وضوءه.
ومن هذا، الاختلاف المشهور فيمن توضأ، وغسل رجله اليمنى، وأدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى، وأدخلها في الخف. هل يمسح على خفيه إذا أحدث أم لا؟ في ذلك قولان: فمن اعتقد أن حكم الحدث قد ارتفع عن الرجل اليمنى قبل إكمال الطهارة مسح عليهما، لأنه أدخلها في الخف بعد أن حكم بارتفاع الحدث عنها ومن لم يحكم بارتفاع الحدث عنها لم يمسح عليهما لأن من شرط المسح لبسه على طهارة. فإذا قلنا أن حكم الحدث ارتفع عن الأعضاء المغسولة قبل إكمال الطهارة، وجب صحة ما قاله الشيخ أبو محمَّد، لأن حدث الجنابة قد ارتفع عنه، فمسه لذكره بعد ارتفاع حكم حدث الجنابة عنها، يحوجه إلى تجديد نية الطهارة الصغرى. وإن قلنا إن حكم حدث الجنابة باق على الأعضاء المغسولة، لم يحتج إلى تجديد نية الطهارة الصغرى، لأن الجنب ليس عليه أن ينوي الطهارة الصغرى. فعلى هذا يتخرج اختلافهما، ولكن يتفقد في ذلك أصل آخر، وهو كون المتوضئ والمغتسل يقصد بتكرير الغسل الفرض. فإذا صح هذا القصد صح ما قلناه من التخريج على هذا الأصل. وقد رأيت في كلام