قد تقدم ها هنا وهو القول فيمن قصد بوضوئه رفع الحدث والتبرد معًا فأغنى ذلك عن إعادته.
والجواب عن السؤال الثاني عشر: أن يقال: أما محلها الخلقي فاختلف الناس فيه، فمذهب أكثر أهل الشرع وأقل أهل الفلسفة أنه القلب. ومذهب أكثر أهل الفلسفة وأقل أهل الشرع أنه الدماغ، وهذا أمر لا مدخل للعقل فيه، وإنما طريقه السمع وظواهر السمع تدل على صحة القول الأول. وذلك مذكور في علوم أُخر.
والجواب عن السؤال الثالث عشر: أن يقال: أما محلها الشرعي، فإنه افتتاح العمل الذي شرعت فيه. وإنما كان ذلك كذلك لأن الغرض بها تخصيص (?) العمل ببعض أحكامه على ما قدمنا. وهذا لا يحصل إلا بمقارنتها له. وهل يراعى ابتداء العمل المفروض أو ابتداؤه المشروع وإن لم يكن مفروضًا.؟ اختلف فيه. فقيل: يراعى ابتداؤه المشروع وإن لم يكن مفروضًا. وهو مذهب القاضي أبي محمَّد في هذا الكتاب. لأنه قال: ويبدأ المتوضئ بعد النية بغسل يديه. فأخبر أن محلها عند غسل اليدين، وغسل اليدين ليس بفرض. وقيل بل يراعى ابتداؤه المفروض. وهو قول الشافعي، وظاهر قول بعض أصحابنا. فيكون محلها عند غسل الوجه.
فوجه القول الأول أن العبادة ذات الأجزاء تجري أجزاؤها مجرى جزء واحد. ألا ترى أن النية عند أولها تغني عن استصحابها ذكرًا في سائرها. لأنها قدرت كالجزء الواحد، فكذلك غسل اليدين لما شرع في الوضوء، وصار جزءًا من أجزائه، اكتفي بإيقاع النية عندهما.
ووجه القول الثاني أن المعتبر في العبادة (?) هو المفروض منها الواجب. والإخلال به يفسد العبادة. والإخلال بالنافلة لا يفسدها فكان الواجب إيقاع النية عند غسل الوجه، الذي هو ابتداء المفروض. لأن المقصود في العبادة هو وما