شرح التلقين (صفحة 1293)

وبين أصحاب الشافعي اختلاف: هل يبيع ذلك بنفسه، لأجل تعذر الرفع للحكام في مثل هذا، أو يتولى الحاكم البيع عليه؟ والأشبه بظاهر مذهبنا نحن أن نرفع للحاكم فيتولى البيع عليه.

والجواب عن السؤال الثاني أن يقال:

قد أشرنا إلى العذر في تقدمة الكلام على حكم الاختلاف في الكمية قبل الكلام على الاختلاف في الماهية. فاعلم أن المتبايعين إذا اختلفا في ماهية المبيع، فقال المسلم: أسلمت إليك في بُرّ، وقال المسلم إليه: بل أسلمت في تمرْ أو قال المسلم: أسلمت إليك في حنطة، وقال المسلم إليه: بل في شعير، فإن مالكا رضي الله عنه ذهب إلى أنهما يتحالفان ويتفاسخان، ولو كان اختلافهما عند حلول أجل السلم. وذكر أبو الفرج في الحاوي عن مالك رضي الله عنه مثل ما ذكرناه ها هنا. وذكر أن عبد الملك قال: إنهما لا يتحالفان لأنهما اتفقا على جنس واحد، إذا كان اختلافهما ما بين حنطة وشعير. وتقييده نقل الخلاف عن عبد الملك في أحد المثالين اللذين مثلنا بهما بقوله: وقال عبد الملك إذا اختلفا، فقال المسلم: أسلمت إليك في حنطة، وقال المسلم إليه: بل في شعير. ولم يحك ذلك عنه إذا اختلفا في تمر وحنطة، مع تعليله ما ذهب إليه: بأن اختلافهما في قمح أو شعير اتفاق منهما على جنس واحد يقتضي أنه لا يخالف مالكًا رحمه الله فيما ذهب إليه إذا اختلفا في جنسين متباينين كبُرّ وتمرْ.

والتحالف والتفاسخ في اختلافهما في جنسين لم يختلف فيه أحد من أصحاب مالك رضي الله عنه لكن شيخنا أبا محمَّد عبد الحميد يخرج في هذا اختلافًا من قوله في المدونة، في صبّاغ صبغ لرجل ثوبًا أسود، فقال صاحب الثوب: إنما أمرتك أن تصبغه أحمر أن القول قول الصباغ، ولم يقل: يتحالفان ويتفاسخان، مع كون محصول اختلافهما أن الصباغ يقول: إنما بعتك نيلا، وهو الذي صبغتُ به ثوبك، ويقول صاحب الثوب: إنما اشتريت منك عُصفُرًا أمرتك أن تصبغ به ثوبي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015