شرح التلقين (صفحة 1283)

والمشهور عن الشافعي تبدية البائع، وهكذا ذكر الشافعي في اختلاف المسلم والمسلم إليه في مقدار السلم أن البائع، وهو المسلم إليه، يبدأ. وهكذا ذكر في اختلاف السيد مع عبده في الكتابة أن السيد يبدأ باليمين. لكن ذكر في اختلاف الزوجين في مقدار الصداق أن الزوج يبدأ. فبعض أصحابه أضاف إليه قولًا آخر في اختلاف المتبايعين أن المشتري يبدأ باليمين، كما حكينا ذلك على أحد القولين في المذهب عندناة وبعضهم منع من هذا الاستقراء وقال: بأن الشافعي إنما بدأ البائع لأنهما إذا تحالفا رجعت سلعته إليه، فكان أوْلى بالتبدية لرجوع المبيع إليه، والزوجان إذا اختلفا في مقدار الصداق وتحالفا فإن الزوج يقضى عليه بصداق المثل ويبقى البضع له كما بقيت السلعة للبائع بعد التحالف.

وهذا فرق يصح على أصلهم، ولو كانوا يقولون بمذهبنا أنهما إذا اختلفا في مقدار الصداق قبل الدخول تحالفا وتفاسخا النكاحَ، ويبقى البضع على ملك المرأة، على حسب ما كان قبل عقد النكاح، لكان هذا الاستقراء صحيحًا. وقد وقع للشافعي كلام ذهب بعض أصحابه إلى أنه قول ثالث في هذه المسألة وهو قوله: إن استحلف الحاكم البائع قيل للمشتري: أتقبل منه أم تحلف؟ وإن بدأ بالمشتري قيل للبائع: أتقبل منه أم تحلف؟

وقال بعض أصحابه: هذا لا ينبغي أن يكون يجعل له قولًا ثالثًا؛ لأنه يمكن أن يكون أراد أن يحكم (?) الحاكم بتبدية البائع، وهو مذهبه، قيل للمشتري؛ كذا. أو حكم بتبدية المشتري، لما كان ذلك مذهبه، قيل للبائع: كذا. فأنت ترى أن الشافعي ينسب إليه بعض أصحابه ثلاثة أقوال: تبدية البائع، وتبدية المشتري، وتخيير الحاكم فيمن يبدأ به منهما. وبعض أصحابه ينكر أن يكون له إلا قول واحد، وهو تبدية البائع.

وهذا الذي ينسب إليه بعض أصحابه من تخيير الحاكم يضارع ما ذهب إليه أشياخي من أن الصحيح في هذا أن يقرع بينهما مَن الذي يبدأ منهما؛ لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015