شرح التلقين (صفحة 1281)

للآخر فيه. فإن نكل الآخر عن اليمين على النصف الذي في يده حلف الأول يمينًا أخرى: أنه لهه، بعد نكول الحائز. ومنهم من منع هذا التخريج والاستقراء، وقال بأن كل واحد حائز لما في يديه، فلا يحسن أن يحلف أحدهما على النصف الذي في يد الآخر قبل نكول الآخر عن اليمين عليه، والمتبايعان إنما يحلفان في صفة عقد، وهما متساويان في كون كل واحد منهما مدع ومدعى عليه، فحسن ها هنا أن يُلزم يمينًا واحدة على النفي والإثبات، على حسب ما قدمناه. فأنت ترى اختلاف الشافعية هل يحلف يمينًا واحدة يجمع فيها بين نفي وإثبات، أو يحلف يمينين: الأولى منهما على النفي، فإذا نكل صاحبه عن اليمين حلف يمينًا أخرى على ما أثبت. فيقول أوَّلًا: بالله ما بعتك بعشرة. لأنه هو الذي نفى من قول صاحبه، ويَقتصر على هذا. ثم يقال لصاحبه: احلفْ أنت أيضًا على أنه ما باعك بإثني عشر. فإن حلف، قيل للبائع: احلفْ على أنك بعت بإثني عشر، ثم يقال للمشتري: احلفْ على أنك اشتريت بعشرة؛ ويتفاسخان. ومن نكل منهفا عن اليمين عاد صاحبه إلى اليمين على ما نكل هذا عنه.

وشيخنا أبو الحسن لم يورد هذا الخلاف الذي أشار إلى إسناده إلى أصحابنا، على مقتضى عادته، على هذه الصفة التي أوردناها عن أصحاب الشافعي، وإنما قال: واختلف هل يحلف أحدهما على النفي أو على الإثبات؟ وبيْن أصحاب الشافعي أيضًا اختلاف فيما تقدم في اليمين مرة واحدة، واليمينين: هل اليمين على النفي أو على الإثبات؟ فانفروإلاصطخري منهم بأن قال: يبدّأ بيمين الإثبات؛ لأن الله تعالى بدأ في اللعان بها، وهو عندنا أيْمان الزوج، وهو المثبت للزنا على زوجته. وقال أكثر أصحاب الشافعي: بل يبدأ بيمين النفي؛ لأنها هي التي يقضى بها في الأصل لورود الشرع بتحليف المنكر، وتكليف المثبت البينة.

وهذا عندي أولى على ما فرضته من التعليل من كون يمينه على الإثبات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015