شرح التلقين (صفحة 1277)

وقال غيرهم من الأشياخ: يمكن أن يكون توقّى في السلم، إذا لم يغرم المسلم إليه ما ادعاه المسلم من المكيلة، وقضى عليه برد بعض رأس المال، أن يوقع هذين المتعاقدين في بيع وسلف، وقد علم أنه لا يجيز الإقالة من بعض رأس مال السلم، على ما يرد بيانه في موضعه، مخافة أن يكونا أظهرا كون الثمن سلما، وأبطنا كون بعضه سلفًا يرد عند أمر اتفقا عليه في الباطن، وهو وقت إظهار هذا الخلاف بينهما ليتوصلا به إلى بيع وسلف.

وهذا الذي أشار إليه الشيخ أبو إسحاق التونسي، ولكنه ذكر أنه ليس بالبيّن، وكيف جرت الحال فهو أبين من الفرقال في حكيته عن بعض الأشياخ.

وأنت إذا علمت جميع ما قدمناه من حكم اختلاف المتبايعين في مقدار الثمن، وأحكمت إجراء ما شذّ عنه من فروع هذا الباب على الروايات المذكورة أمكن أن يعرف منه الحكم في نقد بعض الثمن أو بعض المثمون أو نقد البعض من هذا وهذا. فلنذكر مثالًا لنقد بعض الثمن أو بعض المثمون يعرف منه حكم نقد بعض أحدهما دون الآخر:

فذكر ابن المواز اختلاف رجلين في بيع طعام، فقال البائع: بعتك صاعين بدينار؛ وقال المشتري: بل اشتريت منك ثلاثة آصع بدينار. وقد قبض المشتري صاعًا وقبض البائع نصف دينار، فقال ابن المواز: عليهما اليمين ويُعطي البائع بربع دينار نصف صاع.

وهذا جواب فيه إجحاف، ونحن نبينه، ونقدم لك أن هذا الجواب الذي ذكر، إنما يجري على أحد الروايات، وهو تصديق القابض، وكون النقد المقبوض فوتا. وأمّا من لم ير القبض فوتا فإن الحكم عنده التحالف والتفاسخ ورد ما قبض هذا وهذا. لكن من يرى النقد المقبوض فوتا يقول: إن نصف دينار المقبوضَ مقبوضٌ على ما قبض من الطعام وما لم يقبض، فالذي ينوب الصالح المقبوضَ من النصف دينار المقبوضِ، ربعُ دينار، على مقتضى دعوى البائع؛ لأن البائع يقول: سلمت نصف الطعام على نصف ما قبضت من الذهب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015