شرح التلقين (صفحة 1276)

كتاب الأكرية في اختلاف المكري والمكتري في المسافة التي وقع العقد عليها، فقال المكرَى منه: اكتريت بمائة دينار إلى برقة. وقال المكتري: بل إلى إفريقية. وكانت دعوى المكري لا تشبه، فإنه لم يقض على المكري بأن يبلغ المكتري إلى إفريقية لما كانت المسافة التي زادت على برقة لم يقر بيعهالأولا يقضى على رجل ببيع سلعة لم يقر بأنه باعها.

وكان بعض أشياخي يشير إلى أنه لا يتجه بين السؤالين فرق محقق، وبعضهم يشير إلى فرق ليس بالواضح، فيقول: إن أجزاء المسافة كسلع منفردة ادعى رجل شراء جميعها، ووهم (?) مالكها أنه لم يبع منه إلا بعضها، فإنه لا يصدق على المالك في دعواه. وإن كان مقدار الثمن الذي اتفقا عليه لا تشبه معه دعوى البائع، مثل أن يقول المشتري: بعت منّي ثوبك هذا، وعبدك، بمائة دينار. ويقول البائع: لم أبع منك بالمائة دينار سوى الثوب. ويقول أهل المعرفة: لا يشبه أن تكون المائة دينار ثمنًا للثوب خاصة، ويشبه أن تكون ثمنًا للثوب والعبد. فإنه لا ينفع المشتري كونُ البائع ادعى ما لا يشبه، في تصديقه عليه في إخراج ملكه الذي لم يقرّ ببيعه. وكذلك الزائد من المسافة على برقة، وهو كسلعة أخرى لا يقضى على المكري بأنه باعها لكون الثمن الذي وقع به الكراء لا يشبه أن يَكون ثمنًا لمسافة نهايتها برقة، وإنما ينفع المشتريَ كونُ البائع ادعى ما لا يشبه في تصديقه في غرامة ما يغرم من الثمن في إيصاله إلى برقة، وبعض ثمن الكراء على دعوى المكتري، فيلزمه منه ما ينوب إيصاله إلى برقة، على أن نهاية المسافة إفريقية. ورأى أن اختلافهما في مقدار المكيلة المسلم فيها اختلاف في عقد واحد عقد على ما في الذمة، وما في الذمة شيء متحد، وهو المعقود عليه، فمن ادعى في هذا المتحد ما لا يشبه لم يقبل قوله. وهذا تخييل فيه بعد، وعدد الأقفزة يمكن أن يتصور فيه أنه كسلع مختلفة، كما صور في أجزاء المسافة، فلهذا أشار بعض أشياخي إلى أنه لا يتجه بين السؤالين فرق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015