وإذا أوجبنا للمشتري أن يرجع على البائع بما أنفق، فإنه إذا كان لا
تتحصل النفقة، مثل أن يكون مضافُ العياله أو ينفق عليه نفقة لا يتحصل مثلها،
فإن الواجب الرجوع بقيمة النفقة. ولو كان يدفع إليه طعامًا مكيلًا لكان الواجب
الرجوع بمثله سواء اشتراه دافعه أو أخرجه من عنده. بخلاف الكفيل إذا قضى الطعام عن الغريم فإنه إن دفعه من عنده رجع بمثله، وإن اشتراه رجع بمثل الثمن. لأن الكفيل إذا تكفل عن الغريم بإذنه فكأنه كالآمر له أن يُسْلِفَه ما يقضي به عنه دينه. فإذا اشترى طعامًا بثمن فقضاه عنه صار كأنه إنما أسلف للغريم الثمن الذي اشترى به عنه دينه. فإذا أشترى طعامًا بثمن فقفعاه عنه صار كأنه إنما أسلف للغريم الثمن الذي اشترى به وبيع (?) الدار ها هنا إنما له نفقة في ذمة مشتريها. فإذا وجب نقض ما كان بينهما رجع عليه بما أعطاه.
واختلف المتأخرون لو أنفق المشتري على البائع نفقة واسعة فيها زيادة عما يُقْضَى عليه به مما وقع في العقد عليه، هل يرجع بهذه الزيادة إذا وقع الفسخ لأنها هبة لأجل البيع، فيكون حكمها في الرد حكم الثمن، أَوْ لاَ يرجع بها؛ لأنه متطوع بدفعها متبرع بإنفاق ما لا يلزمه إنفاقه على حكم ما عقداه، فقد سلّط دفع (?) هذه الزيادة آكلها على أكلها وأذن له في ذلك من غير اشتراط عوض. ولعلنا أن نبسط الكلام على هذا الأصل فيمن أثاب من صدقة ظن أنه لا يلزمه الثواب عنها، فأكل هذا ما دفع إليه عوضا عن صدقته.
وأما كون مشتري الدار أحق بها إذا وقع الفلس ففيه الاختلاف الذي سيذكر في كتاب التفليس إن شاء الله تعالى.
بيع الجزاف
قال القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب رحمه الله: وبيع الطعام وسائر المكيلات جزافًا جائز في الغرائر، وصَبَّا على الأرض.