لواحد منهما في حل هذا العقد، فيتهمان على التحيل فيه على الصرف المستأخر.
وكذلك لو كان السلم في ثمار بعينها فاجتيحت على حسب ما تقدم بيانه في جائحة الثمار المسلم فيها، فجاز أن يأخذ عن رأس المال الذي هو ذهب ورقا، لمّا كانت الجائحة لا مدخل لواحد منهما فيها.
وكذلك الرد بالعيب به ألحق بهذا النوع لكون أحدهما، وهو البائع، انفرد بالسبب الموجب لحل العقد. والبيع الفاسد وقع فيه الاضطراب هل هو من هذا النوع لأجل أن القاضي فسخ العقد عليَهما بغير اختيارهما. وقد صورنا وجه بَعد التهمة عنهما في هذا. ويجري ذلك مجرى الإقالة التي فعلاها باختيارهما لما كانا مشتركين ها هنا في العقد الفاسد. وكذلك قال مالك، فيمن أسلم إلى صاحب حائط في ثمرة، فعدمت الثمرة، إنه لا بأس أن يأخذ عن رأس المال، وهو ذهب، ورقًا ورأى انقطاعها كالجائحة، وانهدام الدار. وإن أمكن أن يقدر ها هنا أنهما تعمدا التأخير في الاقتضاء حتى يذهب إبان الثمرة، تحيلًا منهما على الصرف المستأخر وهذه التهمة دعت ابن القإسم إلى أن قال، فيمن أسلم في ثمر حائط بعينه فانقطعت الثمرة بعد أن أخذ بعضها: إنه يأخذ بقية رأس ماله ما شاء، ما لم يأخذ أكثر من المكيلة التي عقد السلم عليها. واتهمهما على تعمد التأخير لأجل ما زاد على المكيلة التي استحق عليه.
فأنت ترى مراتب هذه المسائل في قوة التهمة وضعفها فاتضح فيما لا سبب لواحد منهما فيه كالجائحة وانهدام الدار بُعْدُ التهمة، فأجيز الأخذ عن الدنانير دراهم، واتضح في الإقالة في السلم الصحيح قوة تطرق التهمة، فمنع ذلك في المشهور المعروف من المذهب سوى ما حكيناه مما هو شاذ عن المعروف من المذهب. وتزاحمت الظنون في قوة التهمة وضعفها في السلم الفاسد فكان فيه من الاضطراب ما حكيناه. وعلى هذا جرى الأمر في انقطاع الثمرة على حسب ما حكيته أيضًا. فهذه النكتة التي تدور عليها مسائل هذا الباب.