شرح التلقين (صفحة 1208)

من التحصيل عليها ولا معرفة أين توجد، والظن أن المازري قد شرحها جميعها أو بعضًا منها، إذ هو يحيل ويشير لبعض ما جاء فيها أثناء بحوثه في كتاب البيوع. ولذا فإني أكرر في هذه المقدمة الرَّجاء من السادة العلماء والباحثين، ممن يضفر بواحد أو أكثر من هذه الكتب أن يدلني على مكان وجوده. فإني له، مقدمًا، شاكر ودل الله الكريم المتفضل أن يتولى جزاءه، فإنه سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

وبناء على ذلك فقد اعتنيت في هذه الأجزاء الثلاثة بتحقيق ما وجدته من قسم المعاملات، الذي يتميز عمله فيه بطريقة تختلف عن منهجه في الأجزاء الثلاثة السابقة. ذلك أنه فيما مضى كان مرتبطً ابن ص التلقين، يثير حول القضايا المذكورة فيه أسئلة تكثر أو تقل يهدف منها إلى الكشف عن الآفاق الرحبة من المعارف الفقهية، ويتوسع في متابعة ما تقتضيه الإجابة عنها فيذكر الخلاف في المذهب والخلاف بين أئمة المذاهب السنية ويربط الأقوال بأدلتها، ويرجح حسب ما يهدي إليه الدليل. ويجد فيه المتفقه في التشريع الإِسلامي متعة قلما يجد نظيرها في غيره من الكتب، بعمق أنظاره، وسعة علمه، وذكاء فهمه، وإنصافه، الإنصاف الذي يسير به الناظر في كتابه مع رجل سما عن التعصب للمذهب والتزم ما يقتضيه الدليل ويهدي إليه العقل الراشد.

أما في هذه الأجزاء الثلاثة فيضيف إنى طريقته تلك ارتباطه بالمدونة الارتباط الشديد. فكلما رأى أن القاضي لم يعرج على ما ذكر في المدونة فإنه ينقطع عن متابعة نص التلقين، ويعقد فصلًا يذكر فيه ما جاء فيها، وقد يطول هذا الفصل فيبلغ صفحات عديدة، وقد يصرح بأنه قصد إلى ذلك إم ابن اء على اختياره أو استجابة لطلب المتلقين عنه.

وهو معني بضبط أفهام الفقهاء للمدونة، يذكرهم تارة بأسمائهم، وتارة بقوله: وذكر بعض الشيوخ، وتارة إذا كان التخريج أو التوجيه ذكيًا يدل على نباهة صاحبه فيقول: وقال بعض الحذاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015