أيدي الرجال أو بقي في المعركة حتى مات فإنه يغسل ويصلى عليه. وقال مالك إن عاش يومًا أو أكثر فأكل وشرب أو عاش حياة بينة غسل وصلي عليه. وقال ابن القصار وإذا عاشر يومًا أو أكثر يأكل، غسل وصلي عليه. قال سحنون إذا كانت له حياة بينة حتى لا يقل قاتله إلا بقسامة غسل وصلي عليه. فنخلص من هذا أن في أشكال الحياة اختلافًا. فاشهب اعتبرها وأخرجه بها من حكم الشهداء. وسحنون لم يعتبرها. وما حكيناه عن مالك وابن القصار يذهب إلى الانتظار به. لكن ابن القصار لم يجعل مجرد الأكل والشرب علمًا على الحياة ها هنا كما جعله مالك ... ويمكن أن يكون مالك رأى مجرد الأكل والشرب كافيًا في إثبات حكم الحياة ها هنا. ولم يره ابن القصار حتى ... الزمن الذي ذكره. فلعل مالكًا وابن القصار اختلفا في صفة تحقق الإشكال. وظاهر مذهب الشافعي كظاهر مذهب أشهب. قال أصحابه إذا مات بعد تقضي الحرب فليس له حكم الشهادة وإن لم يأكل ولم يشرب وصى أو لم يوص. وقال أبو حنيفة إن خرج من صفة القتلى إلى صفة أهل الدنيا بأن يأكل ويشرب أو أوصى لم يثبت له حكم الشهادة كما ذهب إليه أشهب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قتلى أحد وهم سبعون. والظاهر أن سبعين قتيلًا لا يكون موتهم على أسلوب واحد بل يتفاوت زمنه ويختلف حاله. وهذا يشعر بأنه لا يعتبر الموت قطعًا كما ذكر. وهذا الاختلاف الذي ذكرناه هو فائدة تقييد القاضي أبي محمَّد بالمعترك وله فائدة ثانية أيضًا وهو ما وقع في المذهب من الاضطراب فيمن قتله العدو في غير معترك. فقال ابن القاسم إذا أغار أهل الحرب على قرية للمسلمين فدفع المسلمون عن أنفسهم فهم كالشهداء. وقال في العتبية إن قتلوهم في منازلهم من غير ملاقاة ولا معترك غسلوا وصلي عليهم. وقال ابن وهب هم كالشهداء في المعترك. وقال أصبغ سواء ناصبوهم أو قتلوهم مقافصة أو نيامًا كشهداء المعترك قتلوا بسلاح أو غيره. والصبي والمرأة كالذكر البالغ.
وقال ابن شعبان الشهيد من قتل بأرض الحرب خاصة من الرجال والنساء والصبيان. فأنت ترى هذا الاضطراب إذا قتلوهم من غير ملاقاة. فلهذا الاضطراب قيد قوله القاضي