لا أثر للشهادة فيه يوجب سقوط غسله والصلاة عليه. وأجراه مجرى من لم يستشهد. كما قدمنا أن أصحابه رأوا أن سقوط الغسل إنما كان لأنه طهارة.
وطهارة الشهادة تغني. فإذا كان الشهيد ليس من أهل التطهير بقي على حكم الأصل. ونحن قدمنا الجواب عن هذا فيما قدمناه. وذكرنا بأن الشرع جاء بإلحاق الصغار بالكبار في كثير من الأحكام. وقد ذكر في بعض الطرق زملوهم بدمائهم فإنه لا يكلم أحد في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة بدم اللون (?) لون الدم وريحه ريح المسك. أو كما قال يعم كل من يكلم في سبيل الله من الكبار والصغار. وقد اختلف أصحابنا في الشهيد إذا قتل جنبًا هل يغسل أم لا. فقال أشهب وابن الماجشون لا يغسل. وقال أحمد إنه يغسل. وذكر بعض أصحابنا أن الشافعي اختلف قوله كذلك. ورأيت في كتب أصحابه أن الخلاف في ذلك بين أصحابه. وأكثرهم على أنه لا يغسل. وقد احتج من قال بغسله بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما شأن حنظلة فإني رأيت الملائكة تغسله. فقالت زوجته إنه جامع فسمع هيعة فخرج إلى القتال. وقد ذكر خبر حنظلة على وجه آخر. وذلك أنه علل المبادرة إلى غسل سعد بن معاذ بأن قال لئلا تسبقنا الملائكة إلى غسله كما سبقتنا إلى غسل حنظلة. ومن أنكر غسل الشهيد إذا كان جنبًا يجيب عن هذا بأن غسل الملائكة لا يسقط ما تعبدنا نحن به من الغسل. فلو كان غسله واجبًا لأمرنا به ... كأن الشهادة تغني عن الغسل جملة. وكأنها تنافيه فلا يثبت الغسل كما لا تغتسل الحائض إذا احتلمت وكما لا يطهر الشهيد للشهادة الطهارة الصغرى.
والجواب عن السؤال الثالث: أن يقال: إنما قيد قوله بالمعترك لما وقع من الاضطراب فيمن مات بعد تقضي الحرب. وتحصيل مذهبنا أنه إن تحقق الموت في المعترك لم يغسل ولم يصل عليه. وإن كان قد عاش بعد تقضي الحرب مسألة لا إشك الذيها غسل وصلي عليه. وإن كان فيها إشكال فظاهر المذهب على قولين. فقال أشهب الشهيد الذي لا يغسل ولا يصلى عليه من مات في المعركة قطعًا. فأما من حمل إلى أهله فمات فيهم أو حمل فمات في