النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الكسوف مرات. وهذا الذي اختار ابن المنذر. ودليلنا ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى والناس معه. فقام قيامًا طويلًا نحوًا من سورة البقرة ثم ركع ركوعًا طويلًا ثم قام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأول. ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قيامًا طويلأوهو دون القيام الأول. ثم ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الركوع الأول. ثم سجد وانصرف (?). وأجاب أصحابنا عما يتعلق به أبو حنيفة من الأحاديث التي ظاهرها أنه صلّى ركعتين على أن المراد بها ركعتين يكرر فيهما الركوع. وهكذا أيضًا ما رواه قبيصة من أن الشمس خسفت على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلّي ركعتين وأطال فيهما فلما تجلّت الشمس وانصرف قال: إنما هذه آية يخوّف الله بها عباده فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة (?). وقد يحتمل أيضًا أن يكون المراد بها أنها كأحدث صلاة في الركوع والسجود على الجملة لا في نفي تكريرها. ونبّه على هذا لأن الصلوات في الشريعة منها ما لا ركوع فيه ولا سجود كصلاة الجنازة. ومنها ما فيه زيادة تكبير كصلاة العيدين. فنبّه على أن هذه الصلاة لم تخالف الصلاة المكتوبة كما خالفتها صلاة الجنازة وصلاة العيدين. وقد أجاب أصحاب أبي حنيفة عما تعلقنا به من الأحاديث المتضمنة لتكرير الركوع بما نفس استماعه (?) يغنيك عن نقضه ودفاعه. وذلك أنهم قالوا لما أطال - صلى الله عليه وسلم - الركوع رفع بعض الناس رؤوسهم ليشاهدوا ما هو عليه مخافة أن يكون حبسه عن الرفع عائق أو يكون رفع ولم يشعروا به *فلما رأوه باقيًا على ما كان عليه عادوا للركوع فظن من رآهم أن الركوع قصد إلى تكريره* (?). وهذا سوء ظن بالرواة.
وإضافة الوهم والغلط إليهم من غير سبب اقتضى ذلك. ولو فتح هذا الباب