الطائفة الثانية تصلي *جميع صلاتها* (?) قبل الانصراف لقوله: فليصلوا معك. وهذا يقتضي أنهم يصلون جميع صلاتهم معه. وكونه ظاهرًا فيما أشرنا إليه في ردّ مقالة من قال: تحرم الطائفة الثانية وهي في القتال مع الإِمام، أظهر وأوضح. وقد رُجحّت طريقة أبي حنيفة وأشهب بأنه إذا كان لا بد من الخروج عن أصل معهود في الصلاة، إما المشي والسعي في الصلاة، وإما إكمال الصلاة وأداؤها قبل أداء الإِمام لها، كان تسهيل المشي وإلغاء حكمه أولى من إلغاء مخالفة الإِمام وأداء الصلاة قبل أدائه. لأن المشي في الصلاة له نظير في الشرع كمشي الراعف عند من رآه ومشي من عليه الحدث. وأداء الصلاة قبل الإِمام لا نظير له في الشرع. فكان ما له نظير أولى مما لا نظير له. وأجاب أصحابنا عن وهذا بأنه إذا كان لا بد من مفارقة الإِمام وترك اتباعه *فيما يفعل إما بالانصراف* (?) كما قال أبو حنيفة وأشهب *وإما بالإكمال كما* (2) قال مالك كان الإكمال أولى لأنه ليس فيه مفارقة إمام يلزم اتباعه فيما يفعل *وإذا لم يلزم اتباعه فيما يفعل* (?) فلا معنى لمنع المخالفة عليه *بالأداء قبله* (2) لأنه قد سقط حكم إمامته عن الطائفة الأولى حتى لو أحدث لم تفسد عليهم الصلاة *وإذا كنا نقول بأنهم* (?) خرجوا عن إمامته حتى لو أفسد صلاته ما أفسدها عليهم كان الإكمال أولى بأقرب موضع. وصلاة الخوف إنما وضعت للتحرز من العدو والاحتياط منه، ومقابلتهم العدو وهم في غير الصلاة أوثق وأحصن من تقسيم خاطرهم بين أمرين حفظًا للصلاة والتحفظ من العدو. وقد قال سحنون إذا صلّى ركعة من صلاة الخوف في السفر ثم أحدث قبل قيامه إلى الثانية فليُقدم من يقوم بهم ثم يثبت المستخلف. ويتم من خلفه ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة ويسلم. ولو أحدث بعد قيامه إلى الثانية فلا يستخلف لأن من خلفه خرجوا من إمامته حتى لو تعمد حينئذ الحدث أو الكلام لم تفسد عليهم.