الأولى. وكلامه هذا يشير عندي إلى سقوط إيجاب صلاة الجمعة عنه على الإطلاق إذا كان فرضه الظهر خلاف ما حكيناه عن الجماعة من إيجاب الجمعة عليه بإدراك ركعة أو على التفصيل الذي ذكره سحنون. وأما صاحبا أبي حنيفة فإنهما رأيا أن صلاة الظهر إنما تنتقض بفعل الجمعة. والسعي خارج عن فعل الجمعة، وإنما هو كالشرط مثل الطهارة وما في معناها ولا يكون مجرده (?) مبطلًا لما تقدم من الصلاة. وأما أبو حنيفة، فلأنه لما رأى السعي واجبًا في هذه الصلاة الأولى دون غيرها من الصلوات صار ذلك من خصائصها. وإذا صار من خصائصها صار كفعل من أفعالها فتبطل به الصلاة الأولى كما تبطل بفعل الجمعة. وإذا وضح هذا الذي قلناه في صلاة المعذور قبل صلاة الإِمام. فلو صلّى غير المعذور الظهر قبل صلاة الإِمام فقد اختلف الناس في ذلك. فأكثر أصحابنا على أن من صلى الظهر قبل الإِمام يوم الجمعة فإنه يعيد صلاته وإن فاتته الجمعة. سواء فعل ذلك غفلة أو مجمعًا على ترك الجمعة إذا أوقع صلاته في وقت لو مضى لأدرك ركعة من الجمعة. وقال ابن نافع إذا صلى قبل الإِمام وهو لا يريد الرواح فلا يعيد. وكيف يعيدها أربعًا وكذلك صلّى؟ وقال ابن وهب فيمن صلى في بيته الظهر والإمام يخطب فليمض وليصل معه. فإن جاء وقد فرغ الإِمام أجزأته التي صلّى في بيته. واختلف قول الشافعي. فقال في الجديد: ما حكيناه عن أكثر أصحابنا أن صلاته لا تصح. وبه قال أحمد وإسحاق وزفر. وقال في القديم تصح صلاته ويجب عليه حضور الجمعة فإذا صلّى (?) احتسب الله له بايتهما شاء. فإن فاتته الجمعة أجزأته الظهر التي صلاها. قال أبو حنيفة تصح صلاته. فإن سعى إلى الجمعة بطلت، وإن لم يسْع إلى الجمعة أجزأته. وقال صاحباه تصح وتبطل بالإحرام للجمعة. وسبب هذا الاختلاف هل الفرض حينئذ الظهر ويلزم إسقاطها بالجمعة أو الفرض الجمعة.
فإن فأتت انتقل الفرض إلى الظهر، فإن قلنا: الفرض الظهر. ويلزم إسقاطه بالجمعة صحت الصلاة ها هنا. وإن قلنا الفرض الجمعة لم تصح الصلاة