أنه لا يمكنه إقامة الجمعة ففي أي وقت يصلي؟ قال مالك إذا تخلف المريض عن الجمعة فواسع أن يصلي الظهر في وقت الجمعة وأن يؤخر إلى وقت الظهر، وكذلك المرأة. فإذا صلى المعذور في أول الوقت فقال الشافعي يسقط عنه الفرض فإن سعى إلى الجمعة وصلاها كانت له نافلة. وقال في القديم يحتسب الله سبحانه له بايتهما شاء. وقال أبو حنيفة إن سعى إلى الجمعة بطلت صلاته. وقال صاحباه تبطل بالإحرام بالجمعة. قال بعض المتأخرين من أصحابنا إن علم المسافر أنه يدرك الجمعة بوطنه، إذا ورد عليه فليؤخر الصلاة حتى يصلي الجمعة. فإن عجل فصلى الظهر لم تجزه، لأن فرضه الجمعة.
ولمالك رضي الله عنه وابن القاسم وابن الماجشون وأصبغ في المسافر إذا صلّى الظهر يوم الجمعة ثم دخل وطنه فإنه إن كان مضى إلى الجمعة أدرك ركعة فعليه أن يصليها. وقال مالك في المريض مثل ذلك. وقال سحنون إن صلى الظهر على ثلاثة أميال من وطنه فعليه أن يصلي الجمعة مع الناس. وإن كان على ستة أميال من وطنه فليس عليه ذلك. فإذا أوجبنا على المسافر الحضور على صفة ما قررناه فحضر وصلى الجمعة فإن صلاته الأولى انتقضت. فلو انتقضت طهارته في صلاة الجمعة لأعاد الظهر. ولو أحدث الإِمام فقدمه فصفى بهم أجزأهم.
وقال أشهب إن صلى المسافر الظهر في جماعة فينبغي ألا يأتي الجمعة كما لا ينبغي في غير الجمعة إذا دخل الحضر أن يعيد ما صلى جماعة في جماعة أخرى. فإن فعل وصلّى الجمعة فالأولى فرضه. وإن كان إنما صلى فذًا كان له أن يعيدها جمعة أو ظهرًا في جماعة ثم الله تعالى أعلم بصلاته. وإذا أحرم هذا المسافر بالجمعة بعد رفع الإِمام رأسه من الثانية صلى على إحرامه ركعتين نافلة ولم يُعد. وهذا الذي حكيناه عن أشهب من أنه إذا صلى ظهرًا فذًا ثم صلى الجمعة فإن الأمر إلى الله سبحانه في صلاتيه هو الذي حكيناه من قول الشافعي في القديم. فكأن أشهب أجراه مجرى من صلّى إحدى الصلوات الخمس فذًا ثم أعاد في جماعة أخرى فإن الأمر في صلاته إلى الله سبحانه على حب ما كنا قدمنا ذكر المذاهب فيه في موضعه. فإن كان قد صلى الظهر جماعة كانت الأولى فرضه، إذ لا معنى للإعادة، لأن فضل الجماعة قد حصل في الصلاة