والامام يخطب إن شاء ركع وإن شاء جلس. قال الأوزاعي إن كان قد ركع في بيته لم يصل وإن لم يكن صَلَّى في بيته (?) ركع ركعتين. وقد استدل على الجواز بما خرّج في الصحيحين: أن رجلًا أتى والشعبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس ولم يركع فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قم فاركع ركعتين وتجوّز فيهما. ثم قال إذا جاء أحدكم المسجد والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما (?). وقد أجاب بعض أصحابنا عن هذا بأجوبة أحدها أن الرجل كان فقيرًا فأراد أن ينبه بقيامه على حاله ليُتصدق عليه. أو يحمل على أنه أمره بذلك بعد الفراغ من الخطبة، أو كان ذلك والشعبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبتدىء الخطبة وسكت له حتى ركع. أو دخل وهو في الخطبة فقطعها حتى ركع، وقد ذكر بعض الناس أنه روي أنه - صلى الله عليه وسلم - أمسك عن الخطبة.
وهذه الرواية إن ثبتت تعين هذا التأويل دون ما سواه. وأما الاعتذار بأنه أراد أن ينبّه على حاله ليتصدق عليه فلا يعتمد عليه لأنه قد قال عقيب قوله = قم فاركع ركعتين وتجؤز فيهما = إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب الحديث. ولا شك في أن هذا اللفظ قد تعدى هذا الرجل وأريد به من سواه. وهو خطأ ب لجميع الحاضرين على القول بالعموم. وجميع الحاضرين ليسوا بمساكين تجوز لهم الصدقة. وقد أدى هذا اللفظ (?) العام ابن القصار إلى أن طلب تأويلًا آخر لهذا العموم فقال يحمل على أنه كان في غير خطبة الجمعة. وهذا تعسف منه.
وقد ذكر في بعض طرق الحديث جاء سليك الغطفاني في يوم الجمعة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا سليك قم فاركع ركعتين وتجوز فيهما (?). ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين ويتجوز فيهما. وإذا أطلق لفظ الخطبة منسوبًا إلى يوم الجمعة إلى يوم فالسابق إلى فهم كل سامع حمله على الخطبة المعهودة فهيا. وقد قابل بعض أصحابنا هذا الحديث الذي اعتمد عليه هذا المخالف بما رواه ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا