شرح التلقين (صفحة 1005)

لم يسمع الخطبة عندنا كحكم من سمعها فيما قلناه. وفي الواضحة ونحوه في المختصر يجب على الناس الإنصاف للإمام والتحول إليه إذا أخذ في الخطبة على من سمعه ومن لم يسمعه. وقال عروة بن الزبير وابن حنبل يجوز الكلام لمن لم يسمع الخطبة. وهو أحد قولي الشافعي هكذا في كتب بعض أصحابنا عنه. وفي كتب بعض أصحابه أن الكلام يمنع في حق من سمع ومن لم يسمع إلا من كان بعيدًا، هو بالخيار بين أن يسكت أو يقرأ القرآن، وإن سبّح فلا بأس. وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال من كان قريبًا يسمع الخطبة وينصت، ومن كان بعيدًا ينصت فإن للمنصت الذي لا يسمع الخطبة مثل الذي يسمع. وروي عن عثمان رضي الله عنه نحو ذلك. وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه من كون من لا يسمع كمن يسمع. وأما أصحاب الشافعي فإنهم رأوا أن كونه لا يسمع يبيح التشاغل بالقرآن والذكر لأن القرآن والذكر أولى به من السكوت.

والجواب عن السؤال الخاص: أن يقال: قال في المختصر لا يقول لمن لغا أنصت. وقال مالك أيضًا في المبسوط إذا تكلم رجلان فلا بأس أن يشير لهما بيده ينهاهما أو يغمزهما أو يسبّح بهمالأولا يرفع صوته بالتسبيح. وقال أيضًا في الاستغفار والتهليل والاستجارة من النار والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا مرّ الإِمام بذكر ذلك لا بأس به ما لم يرفع صوته أو يشتغل بذلك عن الاستماع.

وأما ابن عمر فإنه رأى رجلين يتحدثان والإمام يخطب فحصبهما أن اصمتا. قال عيسى ابن دينار ليس العمل على التحصيب ولا بأس أن يشير إليه. قال بعض المتأخرين لعل ابن عمر حصبهما لينظرا إليه فيشير إليهما بالصمت" وأمن أن يؤدي أحداً. فإن كان ابن دينار خاف الأذى من التحصيب فإنما أنكر إطلاق اللفظ بذلك، وإن كان أنكره لكثرة العمل والاشتغال فهو مخالف للرواية عن ابن عمر. وبالجملة فمقتضى مذهب مالك: *أن لا يشير إليهما. وهو الصواب.

لأن الإشارة كالنطق - وهذا الذي جعله هذا من مقتضى مذهب مالك:* (?). وقد قدمنا عن مالك في المبسوط خلافه. وفي مختصر ابن شعبان من رأى رجلًا يكلم غيره فلا يحصبه فإذا انقضت الصلاة وعظه. قال ابن شعبان نهى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015