شرح التلقين (صفحة 1004)

المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا، فلم يتكلم أحد حتى يفرغ من الخطبتين كلتيهما، ويقيم المؤذن. ثم يتحدثون. وأما أبو حنيفة فيحتج بقوله في الحديث من اغتسل يوم الجمعة ثم ذكر الحديث إلى قوله ثم إذا خرج الإِمام أنصت (?) فعلق، الإنصاف بالخروج. وقد أجيب عن هذا بأن الرواية اختلفت. ففي بعضها وأنصت إذا خطب فيحمل قوله إذا خرج على أن المراد به خرج وخطب. وحكى بعض المصنفين عن الشعبي والنخعي ما ظاهره أن الإنصاف إنما يجب إذا قرأ الإِمام القرآن خاصة، وقد كنا نحن نقلنا عنهما استحباب الإنصاف على الجملة فإن كانا لا يحرّمانه إلا عند القراءة كان المبدأ عندهما خلاف ما حكيناه عنهما وعن أبي حنيفة.

وأما منتهاه ففراغ الإِمام من الخطبتين *وبه قال الشافعي وكره أبو حنيفة والحكم الكلام بعد الفراغ من الخطبتين* (?). وبه قال ابن عباس. واختلفت الرواية عن ابن عمر. ودليلنا قول أنس كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة، ينزل من المنبر فيقوم الرجل فيكلمه في الحاجة ثم ينتهي إلى مصلاه فيصلي (?). واحتج أصحاب أبي حنيفة بأن الصلاة لما كرهت حينئذ كره الكلام. وانفصلا عن ذلك بأن الصلاة إنما نهي عنها حينئذ لكونها مانعة من الاشتغال بالفرض. والكلام لا يشغل عن الفرض. ولما كان الكلام والصلاة حال الخطبة يشغلان عنها استويا في النهي. ولما افترقا في الاشتغال بعد الفرك افترقا في النهي. وقد قال الحسن البصري لا بأس بالكلام بين الخطبتين. وإنما لم نعد مذهبه مذهبًا ثالثًا في المنتهى لأن هذه الإباحة لا تدوم. وكلامنا في منتهى التحريم والانتقال إلى إباحة تدوم ما لم يعرض عارض يمنعها. والردّ عليه أن الخطبتين أقيمتا مقام الركعتين، فلما لم يجز الكلام في الفصل بين الركعتين *لم يجز الفصل بين الخطبتين* (?). وإذا وضح ما قلناه في تحريم الكلام، مبدئه ومنتهاه فحكم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015