ولك أن تنصب أحياء وأمواتا على التمييز لأن كِفات الشيء مثل وعائه والموعى ينتصب بعد الوعاء على التمييز وأما قول الشاعر:
كأنَّ مَجرّ الرامِسات ذيُولَها ... عليه قضيمٌ نمّقتْهُ الصَّوانِعُ
فيحتمل أن يكون من هذا. ويحتمل "المجرّ" موضع الجرّ، كأنه قال كأن مهب الرامسات جارّة ذيولها عليه قضيم، فحذف العامل وأخبر عن المجر بعليه قضيم. ويحتمل أن يكون المجر مصدرا والتقدير كأن موضع مجر الرامسات، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه في الإعراب، وجاء الخبر على وفق المحذوف والعمل للمجر، لأنه بمنزلة الجرّ. ومثله.
كأنَّ مَجرةَ الأبطالِ نسْرًا ... إلى أشبالِه حطبٌ رَفيت
أي مكسور. وأما قول الآخر يصف حمارا وأتنا:
فظَلت بملقَى واحفٍ جرع المِعى قيامًا تُقاسي مُصْلَخِمًّا أميرُها
تقديره فظلت بموضع ملقى واحف جرع المعى وهما موضعان، وملقى بمعنى لقاء، ولذلك عمل. ومثله من المصادر المبدوءة بميم مزيدة كثير. فما كان فعله ثلاثيا فميمه مفتوحة، وما كان من غير ثلاثي فميمه مضمومة، كأنه اسم مفعول لذلك الفعل، وهي في العمل كالمصادر الأُخَر. فمن ذلك إنشاد ثعلب:
أظلومُ إنَّ مُصابكم رجُلًا ... أهْدى السلامَ تحيّةً ظُلْمُ