ونبهت بقولي "ما لم يكن الباقي فاعلا فيستغنى عنه غالبا" على أن ذكر الفاعل مرفوعا بعد إضافة المصدر إلى المفعول به أقل من الاستغناء عنه، ولذا لم يجئ في القرآن رفعه بعد الإضافة إلا في رواية يحيى بن الحارث عن ابن عامر أنه قرأ (ذكرُ رحمت ربك عبده زكريا) بضم الدال والهمزة، وجاء الاستغناء عنه كثيرا نحو (وهو مُحرَّمٌ عليكم إخراجُهم) (وإنْ أردتم استبدال زوج) (ولا تَهنوا في ابتغاء القوم) (إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى) (لقد ظلمك بسؤال نعجتك).

ومن ذكر الفاعل مرفوعا بعد الإضافة إلى المنصوب به قول النبي صلى الله عليه وسلم في المباني "وحج البيت من استطاع إليه سبيلا" فمَن في موضع رفع بحجّ. ويمكن أن يكون مثله (ولله على الناس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا) على تقدير: ولله على الناس أن يحج البيت من استطاع، والمشهور جعل "مَن" بدلا من الناس. ومِن رفع المصدر الفاعل بعد الإضافة قول الشاعر:

ألا إنّ ظلم نفسِه المرءُ بيّنٌ ... إذا لم يَصُنْها عن هوًى يَغْلِبُ العقلا

ومثله:

أمِن رسمِ دارٍ مربعٌ ومَصيفُ ... لعينيْك من ماء الشُّئونِ وكيفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015