وكقوله:

طال عن آلِ زينبَ الإعراضُ ... للتعدِّي وما بنا الإبغاض

وكقول الآخر:

وبعضُ الحِلْم عند الجَهـ ... ــــلِ للذلة إذعانُ

فلنا في هذه أن نعلق ما تقدم بمصدر آخر محذوف لدلالة الموجود عليه، كأنه لدّى عن دهماء لدّى، وظني بها ظني، وطال الإعراض عن آل زينب الإعراض، وبعض الحلم إذعن للذلة إذعان.

ويكون هذا التقدير نظير قولهم في (وكانوا فيه من الزّاهدين) أن تقديره وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين. ونظير قولهم في:

أيْنما الريحُ تُميّلْها تَمِلْ

أن تقديره: أينما تميلها الريح تميلها تمل. ولنا أن نجعل ما تقدم متعلقا بنفس المصدر الموجود، إمّا على نية التقديم والتأخير، وإما على أن ذلك استبيح في المصدر وإن لم يستبح مثله في الموصول المحض، كما استبيح استغناؤه عن معمول لا دليل عليه، وإن لم يستبح مثله في صلة الموصول. وهكذا يفعل فيما أوهم الفصل كقوله تعالى (إنّه على رجْعِه لقادرٌ * يومَ تُبلى السرائرُ) فإن ظاهره أن "يوم "منصوب برجعه، ولا يجوز ذلك لاستلزامه الفصل بخبر إنّ الذي هو لقادر، فالمخلص من ذلك أن ينصب (يوم تبلى السرائر) بعامل مقدر مدلول عليه برجعه، كأنه قيل يرجعه يوم تبلى السرائر. ومما يوهم الفصل قول الشاعر:

وهنَّ وقوفٌ ينتظِرْنَ قضاءَه ... بضاحي عَذاة أمرَه وهو ضامِزُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015