يجرى مجرى الفعل المضارع عجبت من ضربٍ زيدٌ عمرا إذا كان هو الفاعل. ثم قال: كأنه قال: عجبت من أنه يضرب زيد عمرا. ولم يقدره في الباب بغير أن الثقيلة. وإذا ثبت أن عمل المصدر غير مشروط بتقدير حرف مصدري أمكن الاستغناء عن إضمار في نحو له صوت صوت حمار.
ونبهت بقولي "ولا يلزم ذكر مرفوعه" على أن المصدر الصالح للعمل قد يجاء به دون مرفوع ظاهر ولا مضمر ودون معمول آخر: وقد يجاء به دون مرفوع كائنا معه معمول آخر. فالجائي دون مرفوع ولا غيره نحو (ولا يرضى لعباده الكفرَ) والكائن معه معمول لا مرفوع معه نحو (فكُّ رقبةٍ * أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبةٍ * يتيمًا) وخصصت المرفوع بجواز الاستغناء عنه مع المصدر، لأن الاستغناء عن غير المرفوع جائز مع كل عامل ليس من النواسخ. وقلت بدل ولا يلزم ذكر فاعله: ولا يلزم ذكر مرفوعه لأعم الفاعل ونائبه واسم كان. وقد تقدم من قولي بيان أن مرفوع المصدر قد يكون نائب فاعل نحو سرني إعطاء الدينار الفقير، واسم كان نحو: من نعم الله كون المقهور عدوّنا. وجاز أن يستغنى عن مرفوع المصدر دون مرفوع الفعل وما أشبهه مما ليس مصدرا لأن الفعل لو ذكر دون مرفوع لكان حديثا عن غير محدث عنه، وكذا ما يعمل عمله من صفة أو اسم فعل، فإنه لا يعمل إلا وهو بنفسه واقع موقع الفعل، ومؤدّ معناه فاستحق ما يستحقه الفعل من مرفوع يحدّث به عنه ظاهرا أو مضمرا. فلو خلا منه لكان في تقدير فعل خلا من مرفوع، وليس كذلك المصدر، لأنه إذا عمل العمل المنسوب إليه بإجماع لم يكن إلا في موضع غير صالح للفعل فجرى مجرى الأسماء الجامدة في عدم تحمل الضمير. وجاز أن يرفع ظاهرا لكونه أصلا لما لا يستغنى عن مرفوع به، وبسبب اقتضائه الرفع عدمت في غير ندور مصاحبته مرفوعا إن لم يكن مضافا. وقلت إن كان مضافا