ولا يعمل المحدود، وهو المردود إلى فَعْلة قصدا للتوحيد والدلالة على المرة، لأنه غيّر عن الصيغة التي اشتق منها الفعل، فلا يقال عرفت ضربتك زيدا، ونحو ذلك.
فإن روى مثله عمن يوثق بعربيته حُكم بشذوذه ولم يُقَس عليه، فمن ذلك ما أنشد الفارسي في التذكرة من قول الشاعر:
يحايى بها الجلدُ الذي هو حازِمٌ ... بضَرْبة كفّيه المَلا نفسَ راكب
يريد يحيى الجلد الحازم نفس راكب، بأن تضرب كفّاه الملا متيمما مؤثِرا بما عنده من الماء راكبا كاد يموت عطشا. وقد اجتمع في قول ابن الزبير:
ولم تك شاهدا ... بلائي وكراتي الصنيع ...
شاهد على إعمال المجموع، وشاهد على إعمال المحدود، لأن الكرات جمع كرّة. وقد نصب به الصنيع فواحده أحق بذلك، لأن الواحد أقرب إلى اللفظ الأصلي وهو الكرّ. ومن إعمال المحدود قول كثير:
وأجمعُ هِجْرانا لأسماءَ إنْ دَنَتْ ... بها الدارُ لا مِن زَهدتٍ في وصالها
فلو كان "فَعْلة" مصدرا غير مقصود بهائه التحديد كرهْبة ساوى العاري منها في صحة العمل. فمن ذلك قول الشاعر:
فلولا رجاءُ النَّصْر منك ورَهبةٌ ... عقابَكَ قد كانوا لنا كالمَوارد
ولا يتقدم نعت المصدر على معموله فلا يقال عرفت سوقك العنيف الإبل، لأن معمول المصدر منه بمنزلة الصلة من الموصول، فلا يتقدم نعت المصدر على معموله، كما لا يتقدم نعت الموصول على صلته، فإن ورد ما يوهم خلاف ذلك قدر فعل بعد