من زيد، حذف مضافين، كما حذفا في قولهم: لا أفعل ذلك هبيرة بن سعد، أي مدة مغيب هبيرة بن سعد. ومن كلامهم المأثور ما رأيت كذبة أكثر عليها شاهد من كذبه أمير على مِنبر. فهذا فيه حذف واحد، والتقدير ما رأيت كذبة أكثر عليها شاهد من شهود كذبة أمير على منبر.
وقد يستغنى عن المفضول للعلم به، ولا يقام مقامه شيء كقولك: ما رأيت كزيد رجلا أبغض إليه الشرُّ. والأصل ما رأيت كزيد رجلا أبغض إليه الشر منه إليه، فحذف منه وإليه للعلم بهما. وأنشد سيبويه في مثل هذا:
مررتُ على وادي السباعِ ولا أرى ... كوادي السباعِ حين يُظْلِمُ واديا
أقلَّ به رَكْبٌ أتَوه تئيّة ... وأخْوفَ إلّا أن يقِي الله ساريا
فركب مرفوع بأقل كارتفاع الشر بأبغض. والأصل: ولا أرى واديا أقل به ركب منه بوادي السباع، فحذف المفضول للعلم به ولم يقم مقامه شيئا. ومثله قول الآخر:
ما إن رأيتُ كعبدِ الله من أحدٍ ... أوْلى به الحمدُ في وجْدٍ وإعْدام
وقد يستغنى عن تقدير مضاف في: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل من زيد، بأن يقال إن تقديره: ما رأيت أحدا أحسن بالكحل من زيد. فأدخلوا "من" على زيد مع ارتفاع الكحل على حد إدخالها عليه مع جره، لأن المعنى واحد. وهذا وجه حسن لا تكلف فيه، وله نظائر فيها يلحظ المعنى ويرتّب الحكم عليه مع تناسي اللفظ.
ومن نظائره قوله تعالى: (أولم يَروا أنّ اللهَ الذي خلق السمواتِ والأرضَ ولم يعيَ بخلقهنّ بقادرٍ). فدخلت الباء على خبر أن لتقدم أو لم وجعلها الكلام بمعنى أو ليس الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر. ومَن قدّر: ما رأيت