أراد أعلم منّا فأضاف ناويًا إطراح المضاف إليه، كما تدخل الألف واللام في بعض الأمكنة وينوى سقوطها وندر إيقاع من في قول الشاعر:

ولستَ بالأكثر منهم حصًى ... وإنّما العزّةُ للكاثِر

وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون "من" المعتاد وقوعها بعد العاري، والألف واللام زائدتان. والثاني أن تكون "من" متعلقة بأكثر مقدّرا مدلولا عليه بالموجود المصاحب للألف واللام كأنه قال: ولست بالأكثر أكثر منهم حصى. وهذا التقدير شبيه بما يقال في قوله تعالى: (وكانوا فيه من الزّاهدين) أي كانوا زاهدين فيه من الزاهدين. والثالث أن تكون "من" للتبين كأنه قال ولست بالأكثر من بينهم، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. وإلى قوله "أعلمنا" وقول الآخر "ولست بالأكثر منهم حصى" وما فيه من الأوجه أشرت بقولي "ولا تصاحب من المذكورة غير العاري" إلى آخر الكلام.

فصل: ص: إن قرن أفعل التفضيل بحرفي التعريف أو أضيف إلى معرفة مطلقا له التفضيل أو مؤوّلا بما لا تفضيل فيه طابق ما هو في الإفراد والتذكير وفروعهما. وإن قيدت إضافته بتضمين معنى من جاز أن يطابق، وأن يستعمل استعمال العاري، ولا يتعين الثاني خلافا لابن السراج. ولا يكون حينئذ إلا بعض ما أضف إليه ونحون أظلمني وأظلمه من الضرورات. واستعماله عاريا دون من مجردا عن معنى التفضيل مؤولا باسم فاعل أو صفة مشبهة مطرد عند أبي العباس، والأصح قصره على السماع ولزومه الإفراد والتذكير فيما ورد كذلك أكثر من المطابقة.

ش: قد تقدم التنبيه على أن أفعل التفضيل منع التأنيث والتثنية والجمع لشبهه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015