يشار بذلك إلى أن الشتاء تحيّل فيه على الحر بموقيات البرد وأن الصيف لا يحتاج إلى أن يتحيل، فحرّه أشد من حرّ الشتاء، ويمكن أن يشار بذلك إلى حرّ الأمزجة فإنه في الصيف أشد منه في الشتاء. وزعم بعض العلماء أنه يقال: العسل أحلى من الخلّ. وهذا موجّه بثلاثة أوجه: أحدها أن يكون قائل هذا سمّى العنب خلّا لمآله إليه، كما سمّي خمرا في قوله تعالى: (إنّي أراني أعصر خمرا). والثاني أن يكون أحلى من حَلِي بعيني إذا حسُن منظره. الثالث أن يكون قائل هذا قد وضع أحلى موضع أطيب، لأن الخل يؤتدم به فله من الطيب نصيب، لكنه دون طيب العسل.
ويكثر حذف المفضول إذا دل عليه دليل وكان أفعل خبرا كقوله تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ) و (ذلكم أقسطُ عند الله وأقْوم للشهادة وأدنى ألّا ترتابوا) و (واللهُ أعلمُ بما وَضَعتْ) و (ما تُخفي صدورهم أكبر) و (إنّ ما عند الله هو خيرٌ لكم) و (والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربّك ثوابًا وخيرٌ أملا) و (أيُّ الفريقين خيرٌ مقاما وأحسن نديًّا) و (فسيعلمون من هو شرٌّ مكانا وأضعفُ جندًا) وهو كثير.
ومنه قول الشاعر:
إذا المرءُ [عَلْبى] ثم أصبح جلدُه ... كرَحْضِ غَسيلٍ فالتَّيَمُّن أرْوحُ