بعض مدّاح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما كان أسْعَدَ مَن أجابك آخِذا ... بهُداكَ مجْتَنبا هوًى وعنادا
وقد تقدم في باب كان الكلام على هذا وشبهه. ولكنني أشرت هنا إليه تنبيها وتوكيدا. وأجاز ابن كيسان الفصل بين أفعل والمتعجب منه بلولا الامتناعية ومصحوبها، كقولك: ما أحسن لولا عبوسه زيدا. ولا حجة في ذلك.
ص: ويجر ما تعلق بهما من غير ما ذكر بإلى إن كان فاعلا، وإلا فبالباء إن كان من مفهم علما أو جهلا، وباللام إن كانا من متعد غيره. فإن كانا من متعد بحرف جر فبما كان يتعدى به. ويقال في التعجب من كسا زيد الفقراء الثياب، وظن عمرو بشرا صديقا: ما أكسى زيدا للفقراء الثياب، وما أظنّ عمرا لبشر صديقا. وينصب الآخر بمدلول عليه بأفعل لا به خلافا للكوفيين.
ش: الإشارة بما ذكر إلى المتعجب منه والظرف والحال والتمييز، فما ليس واحدا منها وله تعلق بفعل التعجب يجر بإلى إن كان فاعلا في المعنى نحو ما أحبني إلى زيد، فزيد فاعل في المعنى، لأن المراد يحبني زيد حبا بليغا فائقا، وإن لم يكن فاعلا في المعنى جر بالباء إن كان فعل التعجب مصوغا من فعل علم أو جهل نحو ما أعرفني بزيد، وما أجهله بي. وإن صيغ من غير ذلك وكان فعل التعجب متعديا عُدي في التعجب باللام نحو ما أضربني لعمرو، فإن كان فعل التعجب متعديا بحرف جر عدي به حال التعجب نحو ما أزهد زيدا في الدنيا، وما أبعده من الشر، وما أصبره على الأذى. فإن كان فعل التعجب متعديا إلى اثنين جررت الأول باللام ونصبت الثاني عند البصريين بمضمر مجرد مماثل لتالي "ما" نحو قولك: ما أكسى زيدا للفقراء الثياب. والتقدير يكسوهم الثياب. وكذا يقولون في ما أظن عمرا لبشر صديقا. والكوفيون لا يضمرون، بل ينصبون الثاني بتالي "ما" نفسه. وذكر هذه المسألة ابن كيسان في "المهذّب".