فوجب بقاؤهما على ما كانا عليه، كما وجب بقاء حرفية "لا" واسمية ما ركب معها في نحو لا غلام لك، مع أن التركيب قد أحدث في اسم لا لفظا ومعنى ما لم يكن، فبقاء جزءي حبذا على ما كانا عليه أولى، لأن التركيب لم يغيرهما لفظا ولا معنى، وأيضا لو كان حبذا مركبا مخرجا لها من نوع إلى نوع لكان لازما كلزوم تركيب "إذما". ومعلوم أن تركيب حبذا لا يلزم، لجواز الاقتصار على حب عند العطف كقول بعض الأنصار رضي الله عنهم: فحبَّذا ربًّا وحَبَّ دينا

أي وحبذا ذينا، وفحذف "ذا" ولم يتغير المعنى، ولا يفعل ذلك بإذما وغيرها من المركبات تركيبا مخرجا من نوع إلى نوع، فعلم بذلك أن تركيب حبذا ليس مخرجا من نوع إلى نوع، وأيضا لو كان حبذا مبتدأ لدخلت عليه نواسخ الابتداء، كما تدخل على غيره من المبتدآت، فكان يقال إن حبذا زيد وكان حبذا زيدا. وفي منع ذلك دلالة على أن حبذا ليس مبتدأ، وأيضا لو كان للزم إذا دخلت عليه "لا" أن يعطف عليه منفي بلا أخرى، فكان يمتنع أن يقال لا حبذا زيد حتى يقال ولا مرضيّ فعله ونحو ذلك، كما كان يفعل مع المبتدأ الذي حبذا مؤدّ معناه. واختار ابن عصفور اسمية حبذا مستدلا بأن العرب قد أكثرت من دخول "يا" عليها دون استيحاش. وزعم أن فعل ذلك مع غيرها مما فعليته محققة مستوحش منه كقولك:

ألا يا اسْقِياني قبلَ غارةِ سنْجال

وعكس ما ادعاه أولى بالصحة، لأن دخول "يا" على فعل الأمر أكثر من دخولها على حبذا. فمن ذلك قراءة الكسائي "ألا يا اسجدوا" وقال العلماء تقديره:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015