وأصل حبَّ حَبُبَ وهو وزن يندر في المضاعف لاستثقال ضمة لعين تماثلها اللام، لكن سهّله هنا عدم ظهور الضمة للزوم الإدغام وعدم التصرف، بخلاف لبَّ الرجل فإنه يقال فيه لببت ولم تلبب فثقل وقلّت نظائره. ودلنا على أن "حبّ" في الأصل حَبُب قولهم فيه إذا جُرّد حُبَّ إن قصد نقل حركة العين إلى الفاء، وإن لم يقصد ذلك قيل حَبّ بالفتح، ويروى بالوجهين قول الشاعر:

فقلتُ اقْتلوها عنكم بمزاجها ... وحُبَّ بها مقْتولةً حين تُقتلُ

ولا يجوز مع ذكر "ذا" إلا الفتح.

والذي اخترته من كون حبّ باقيا على فعليته وكون ذا باقيا على فاعليته هو مذهب اختيار أبي علي. ذكر أبو علي كون حبذا فعلا وفاعلا في البغداديات الفارسي وابن برهان وابن خروف، وهو ظاهر قول سيبويه وزعم قوم منهم ابن هشام اللخمي أن مذهب سيبويه جعل حبذا مبتدأ مخبرا عنه بما بعده. قال ابن خروف: حب فعل وذا فاعله وزيد مبتدأ وخبره حبذا، هذا قول سيبويه، وأخطأ من زعم غير ذلك.

قلت: صرح المبرد في المقتضب وابن السراج في الأصول بأن حب وذا جعلا اسما مرفوعا بالابتداء ولا يصح ما ذهبا إليه من ذلك، لأنهما مقرّان بفعلية حبّ وفاعلية "ذا" قبل التركيب وأنهما بعد التركيب لم يتغيرا معنى ولا لفظا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015