إلى مميزه، وهو ضربان مميز بجمع كعشرة دراهم، ومميز بمفرد كمائة دينار، ولم يكن حملها على أحد الضربين بأولى من حملها على الضرب الآخر، فحملت عليهما معا، فتارة تضاف إلى جمع حملا على عشرة، وتارة تضاف إلى مفرد حملا على مائة، فيقال كم رجال صحبت، وكم بلد دخلت، كما تقول عشرة رجال صحبت، ومائة بلد دخلت. ويجوز حذف مميز "كم" كما يجوز حذف مميز العدد، فحذف مميز "كم" كقوله تعالى (كم لبِثْتُم) وحذف مميز العدد كقوله تعالى (عليها تسعةَ عَشَرَ) ويجوز الفصل بين الاستفهامية ومميزها في السعة، ولا يجوز الفصل بين العدد ومميزه إلا في ضرورة كقول الشاعر:
على أنَّني بعدَ ما قد مضى ... ثلاثون للهَجْر حَوْلا كمِيلا
ولو استعمل هذا في غير ضرورة شعر لم يجز، بخلاف "كم" فلك أن تفصل بينها وبين مميزها دون ضرورة، فتقول: كم لك درهما. وإنما كان الأمر كذلك لأن العدد مميز بمنصوب مستطال بالتركيب إن كان مركبا وبالزيادتين في آخره إن كان للعشرين أو إحدى أخواتها، فموضع التمييز منه بعيد دون فصل، فلو فصل بشيء لازداد بُعْدا، فمنع الانفصال إلا في الضرورة. وكم بخلاف ذلك فلم يلزم اتصال مميزها.
وإن دخل على الاستفهامية حرف جر جاز بقاء مميزها منصوبا كقولك بكم رجلا مررت، وجاز أن يجر بمن مقدرة كقولك بكم درهم تصدقت، تريد بكم من درهم، فحذفت مِن وأبقيت عملها. قال ابن خروف قاصدا إلى حذف من وإبقاء عملها: هو مذهب الخليل وسيبويه والجماعة، وزعم ابن بابشاذ أنه ليس مذهب المحققين. وقوله فاسد، وإضمار الحرف نص من كلامهم إلا الزجاج وحده، فإن النحاس حكى عنه أنه كان يخفض هذا بكم ولا يحذف شيئا. قال ابن خروف: