على السماع في هذا أحق، لأن من الناس من أجاز اشتقاق الأسماء من أفعال الله تعالى على وجه يؤمَنُ معه إيهام ما لا يليق بجلاله تبارك وتعالى، ولا أعلم أحدًا يجيز للداعي أن يدعو الله بلفظ الجمع، لأن ذلك يوهم خلاف التوحيد، وقد تقدم التنبيه على ذلك، وعلى قولهم: أو لو كذا.

وأما عليون فاسم لأعلى الجنة كأنه في الأصل فعيِّل من العلو، فجمع جمع ما يعقل وسمى به أعلى الجنة، جعلنا الله من أهله، وله نظائر من أسماء الأمكنة منها: صَرِفَون، وصِفُّون، ونِصِّيبُون، والسَّيْلَحُون، وقِنَّسْرُون، ويَبْرُون، ودارون، وفلسطون، قال الأعشى:

ويُجْبَى إليه السَّيْلَحُون ودونَها ... صَرِيفُون في أنهارِها والخَورْنَق

وقال زيد بن عدي بن حاتم:

تركتُ أخا بكر يَنُوء بصدرِه ... بصِفِّين مخضوبَ الجُيُوبِ من الدم

وأما عالَمون فاسم جمع مخصوص بمن يعقل وليس جمعَ عالم، لأن العالم عام والعالمين خاص، وليس ذلك شأن الجموع، ولذا أبى سيبويه أن يجعل الأعراب جمع عَرَب، لأن العَرَب يعم الحاضرين والبادين، والأعراب خاص بالبادين وقال بعضهم: العالمون جمع عالم مرادًا به ما يعقل، وفعل به ذلك لتقوم جمعيته مقام ذكره موصوفا بما يدل على عقله. وهذا لا يصح، إذ لو جاز في عالم هذا الذي زعم لجاز في غيره من أسماء الأجناس الواقعة على ما لا يعقل وعلى ما يعقل، فكنا نقول في جمع شيء أو شخص إذا أريد به ما يعقل: شيئون وشخصون، وفي امتناع ذلك دليل فساد ما أفضى إليه.

أما أهلون فجمع أهل، وأهل غير مستوف لشروط هذا الجمع، إذ ليس علما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015