ولما انتفى اللازم وهو ظهور الفتحة علم انتفاء الملزوم وهو تقدير الضمة والكسرة.

وأما القول الثالث وهو أن الإعراب مقدر في الحرف الذي كان حرف الإعراب قبل طروِّ التثنية والجمع، وأن حروف اللين المتجددة دلائل عليه، فهو قول الأخفش والمبرد، وهو مردود أيضا من ثلاثة أوجه: أحدها أن الحروف المتجددة للتثنية والجمع مكملة للاسم، إذ هي مزيدة في آخره لمعنى لا يفهم بدونها، كألف التأنيث وتائه وياء النسب، فكما لم يكن ما قبل هذه محلا للإعراب، كذلك لا يكون ما قبل الأحرف الثلاثة محلا له، إذ الإعراب لا يكون إلا آخرا. الثاني أن الإعراب لو كان مقدرا فيما قبلها لم يحتج إلى تغييرها، كما لم يحتج إلى تغيير بعد الإعراب المقدر قبل ياء المتكلم، وفي ألف المقصور. الثالث أن الإعراب إنما جيء به للدلالة على ما يحدث بالعامل، والحروف المذكورة محصلة لذلك فلا عدول عنها، وإذا بطلت الثلاثة تعين الحكم بصحة الرابع، وهو أن الحروف الثلاثة هي الإعراب.

وأما النون فليست عوضا من حركة الواحد لأن الحروف الثلاثة نائبة عن الحركات قائمة مقامها في بيان مقتضى العامل فلا حاجة إلى التعويض، وليست عوضا من تنوينه لثبوتها فيما لا تنوينين في واحده نحو: يا زيدا، ولا رجلين فيها، وإذا لم تكن عوضا من أحدهما فأن لا تكون عوضا منهما أو من تنوينات فصاعدا أحق وأولى.

وأشير بالعوض من تنوينين فصاعدا إلى ما رآه ثعلب من أن نون التثنية عوض من تنوينين، ونون الجمع عوض من تنوينات على حسب الآحاد، وضعف هذا القول غير خالف، عفا الله عن قائله وعنا.

وإذا بطلت الأوجه الثلاثة ثبتت صحة ما قلنا، إذ لا مقول بعد ما تقدم غيره، مع سلامته من موجبات رد ما قبله، وهو كون النون رافعة لتوهم إضافة أو إفراد، ورفع توهم الإضافة بيِّن، وهو أنه لو لم يكن بعد الأحرف المذكورة نون لم تعلم إضافة من عدمها في نحو: رأيت بني كرماء، وعجبت من ناصري باغين، ورفع توهم الإفراد أيضا بَيِّن في مواضع منها: تثنية اسم الإشارة، وبعض المقصورات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015