ش: زعم قوم أن رفع المثنى والمجموع على حده بلا علامة، وأن ترك العلامة له علامة، وإذا حدث عامل جر أو نصب أوجب الانقلاب ياء كان إعرابا لحدوثه عن عامل، وهذا ظاهر قول الجرمي واختيار ابن عصفور، وهو مردود بوجوه:
أحدها: أن ترك العلامة لو صح جعله علامة الإعراب لكان النصب به أولى لأن الجر له الياء وهي به لائقة لمجانسة الكسرة، والرفع له الواو وهي به لائقة لمجانسة الضمة، وهي أصل الألف في المثنى فأبدلت ألفا، كما قيل في: يَوْجل ياجل، وفي: يَوْتعد ياتعد، فلم يبق للنصب إلا مشاركة الجر أو الرفع.
الثاني من وجوه الرد: أن القول بذلك يستلزم مخالفة النظائر، إذ ليس في المعربات غير المثنى والمجموع على حده ما ترك العلامة له علامة، وما أفضى إلى مخالفة النظائر دون ضرورة فمتروك.
الثالث: أن الرفع أقوى وجوه الإعراب، فالاعتناء به أولى، وتخصيصه بجعل علامته عدمية مناف لذلك، فوجب اطراحه.
الرابع: أن تقدير الإعراب إذا أمكن راجح على عدمه بإجماع، وقد أمكن فيما نحن بسبيله، فلا عدول عنه، وذلك إما بتقدير مغايرة الألف والواو في نحو: عندي اثنان وعشرون، للألف والواو فيهما قبل التركيب، كما تقدر مغايرة الألف والواو والياء في نحو: نعم الزيدان أنتما يا زيدان، ونعم الزيدون أنتم يا زيدون، ومررت برجلين لا رجلين مثلهما، وكما تقدر ضمة (حيثُ) مرفوعا بعد تسمية امرأة به، غير ضمته قبل التسمية به، وضمة يضربون غير ضمة يضرب، وفتحة يا هندَ بنة عاصم، غير فتحة يا هندا، وكسرة قمت أمس غير كسرة قمت بالأمسِ، وكما تقدر ضمةُ فلك في الجمع غير ضمته في الإفراد، وياء (بخاتي) مسمى به غير يائه منسوبا إليه، ولهذا صرف في النسب. وأمثال ذلك كثيرة.
وأما كون الإعراب مقدرا في الثلاثة فمردود أيضا، إذ لازمُه ظهورُ الفتحة في نحو: رأيت بنيك، لأن ياءه كياء (جواريك) مع ما في جواريك من زيادة الثقل.