وبمعنى الذي إن رُفع، وهو حين يُرفع خبر مبتدأ محذوف، والمبتدأ وخبره صلة "ما". وحسّن حذف هذا المبتدأ ما حصل من الاستطالة بذكر دارة جلجل. ويجوز أن تجعل "ما" عوضا من المضاف إليه، ويوما منصوبا على التمييز، كما كان ينتصب بعد ذكر مضاف إليه كقولك لي مثلُه يوما وكقولهم على التمرة مثلُها زُبْدا. أشار إلى هذا الوجه الفارسيّ واستحسنه أبو علي الشلوبين ولا بأس به في كل ما وقع بعد لا سيما من صالح للتميز.

ويجوز أن يجعل "يوما" من البيت المذكور منصوبا على الظرف ويكون صلة لما، وبدارة جلجل صفة ليوما أو متعلقا به لما فيه من معنى الاستقرار. ويجوز أن يجعل بدارة جلجل صلة ما ويوما منصوبا لما فيه من معنى الاستقرار، فإن ما المذكورة قد توصل بظرف كقولك يعجبني الاعتكافُ ولا سيّما عند الكعبة، والتهجّد ولا سيّما قربَ الصبح. وقد توصل بجملة فعلية كقولك: يعجبني كلامُك لا سيما تَعِظُ به، فمن الأول قول الشاعر:

يَسُرُّ الكريمَ الحمدُ لا سيَّما لدى ... شهادةِ مَن في خيره يَتقلَّبُ

ومن الثاني قوله:

فُقِ الناس في الحمْد لا سِيّما ... يُنيلُك من ذي الجلال الرِضا

وقد تخفف "لا سيَّما" كقول الشاعر:

فِهْ بالعقود وبالأيمانِ لا سِيَما ... عَقْدٌ وفاءٌ به من أعظمِ القُرَبِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015