في الإبهام والقطع عن الإضافة ونية المضاف إليه. وأجاز الأخفش أن يقال ليس غيرُه وغيرَه، ولم يكن غيرُه وغيرَه في موضع ليس غيرُ، وماله على ذلك دليل غير القياس.
قال السيرافي: الحذف الذي استعملوه بعد إلا وغير إنما يستعمل إذا كانت إلا وغير بعد ليس ولو كان مكان ليس غيرها من ألفاظ الجحد لم يجز الحذف.
ومن النحويين من جعل "لا سيّما" من أدوات الاستثناء. وذلك عندي غير صحيح، لأن أصل أدوات الاستثناء هو إلا، فما وقع موقعه وأغنى عنه فهو من أدواته، وما لم يكن كذلك فليس منها.
ومعلوم أن إلا تقع موقع حاشا وعدا وخلا وليس ولا يكون وغير وسوى وغير ذلك مما لم يختلف في الاستثناء به. فوجب الاعتراف بأنه من أدواته، ولا سيّما بخلاف ذلك فلا يعدّ من أدواته، بل هو مضادّ لها، فإن الذي يلي لا سيما داخل فيما قبله ومشهود له بأنه أحق بذلك من غيره، وهذا المعنى مفوهم بالبديهة من قول امرئ القيس:
ألا رُبَّ يومٍ صالحٍ لكَ منهما ... ولا سيَّما يومٌ بدارة جُلْجُل
فلا تردّد في أن مراده دخول يوم "دارة جلجل" فيما دخلت فيه الأيام الأخر من الصلاح وأنّ له مزية. وهذا ضد المستفاد بإلا. فلا سبيل إلى إلحاق "لا سيما" بأدوات الاستثناء.
وإذا ثبت هذا فلْتعلمْ أن "لا" من لا سيما هي العاملة عمل إنّ وسيّ اسمها وهو نكرة وإن أضيف إلى معرفة لأنه كمثل معنى وحكما و"ما" بعده زائدة إن جُرّ ما يليها.