وأشير بكون مدلوله فوق اثنين إلى أن أقل الجمع ثلاثة، فإن استعمل لفظ الجمع في أقل منه فليس جمعا بل هو مثنى أو مفرد استعير له لفظ الجمع نحو (فقد صغتْ قلوبكما) و (ونحن الوارثون).
والباء من قولنا "بتغيير" متعلقة بدليل ما فوق اثنين؛ فلا تتناول تغيير نحو مصطفين ومصطفيات فإن مفرديهما مصطفى ومصطفاة، وقد غيرا إذا جمعا بحذف وقلب، إلا أن تغييرهما ليس هو المشعر بالجمعية، بل المشعر بها الزيادة اللاحقة، إذ لو قدر انفرادهما ولا حذف ولا قلب لم تجهل الجمعية ولو قدر العكس لجهلت الجمعية، بخلاف تغيير رجل حين قيل فيه رجال، فإن الجمعية لا تدرك إلا به.
والتغيير الظاهر إما بزيادة كصِنْو وصنوان، أو بحذف كتُخَمة وتُخَم، أو بتبديل شكل كأَسَد وأُسْد، أو بزيادة وتبديل شكل كرجل ورجال، أو بنقص وتبديل شكل كقضيب وقُضُب، أو بزيادة ونقص وتبديل شكل كغلام وغلمان.
والتغيير المقدر كفُلْك فإنه يقع على الواحد وعلى الجمع فإذا كان واحدا فهو كقُفل، وإذا كان جمعا فهو كبُدْن فيقدر زوال الضمة الكائنة في الواحد وتبدلها بضمة مشعرة بالجمع، هذا مذهب سيبويه، ودعاه إلى ذلك أنهم قالوا في تثنيته فلكان، فعلم بذلك أنهم لم يقصدوا به ما قصد بجُنُب ونحوه مما أشرك فيه بين الواحد وغيره حين قالوا: هذا جُنُب، وهذان جُنب، وهؤلاء جُنب. فالفارق عنده بين ما يقدر تغييره وبين ما لا يقدر تغييره مما لفظه في الإفراد والجمع واحد وجدان التثنية وعدمها.
والإشارة بقولنا "كما سبق" إلى اتفاق اللفظ واتفاق المعنى على نحو مامر في التثنية، ونظير قولهم في الشمس والقمر: القمران قولهم: الخبيبون، يريد خبيبًا وأصحابه، وخُبَيْب لقب عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، قال الراجز: