العامل في الاسم على ضربين: قياسيّ واستحسانيّ، فالقياسي ما اختص به ولم يكن كجزء منه، وإلّا كذلك فيجب لها العمل، كوجوبه لسائر الحروف التي هي كذلك، ما لم تتوسط بين عامل مفرغ ومعمول فتلغى وجوبا إن كان التفريغ محققا نحو ما قام إلا زيد، وجوازا إن كان مقدرا نحو ما قام أحد إلا زيد، فإنه في تقدير ما قام إلا زيد، لأن أحدا مبدل منه والمبدل منه غالبا في حكم الساقط. وقد شبه سيبويه إلا فيما قام إلا زيد بلا في لا مرحبا، لأن كل واحدة منهما دخلت على كلام عمله بعضه في بعض فلم تغيّر منه شيئا، فكما لم يلزم من كون لا غير عاملة في لا مرحبا إبطال عملها في لا مرحبا بك عندنا، لا يلزم من كون إلا غير عاملة في ما قام إلا زيد إبطال عملها في ما قاموا إلا زيدا. فإن قيل قاعدة الدلالة على إلحاق إلا بالعوامل إنما هي دعوى اختصاصها بالاسم قلت ودخولها على الفعل ليس مانعا من اختصاصها بالاسم لأن كل فعل دخلت عليه مؤول باسم، ولذا قالوا في نشدتك اللهَ إلّا فعلت معناه ما أسألك إلا فِعْلك.
وقال سيبويه بعد أن ذكر قول العرب: ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ما ضرّ: "فما مع الفعل بمنزلة اسم نحو النقصان والضرر، كما أنك إذا قلت ما أحسنَ ما كلّم زيدا فهو بمنزلة ما أحسن كلامه زيدا، ولولا "ما" لم يجز الفعل بعد إلا في ذا الموضع كما لم يجز بعدما أحسن بغير ما".
فشبه إلا في طلبها الاسم ومابينتها الفعل المحض بفعل التعجب. قال ابن خروف: ومنعه لوقوع الفعل بعد إلا من غير ذكر "ما" حسن، وهو في الاستثناء بإلا يقبح، ولذلك قال في ذا الموضع. قلت فات ابن خروف أن يقول وذلك في موضع النصب، لأن كل مثال ذكره من الأمثلة التي دخلت فيها إلا على فعل مجرّد من "ما" فهو من باب الاستثناء، لكن الواقع فيه بعد إلا ليس في موضع نصب على الاستثناء. ثم قال ابن خروف: وقد قالت العرب: ما تأتيني إلا قلت حقا،