كأنّ الحصا مِن خَلْفِها وأمامِها ... إذا نَجَلَتْهُ رِجْلُها خَذْفُ أعْسَرا
أراد إذا نجلته رجلها ويدها.
وقولي "وإن لم يترك المستثنى منه فللمستثنى بإلا النصب مطلقا" نبّهت به على أن المستثنى بإلا إذا ذُكر المستثنى منه يُنصب في الموجب وغيره، لكن في الموجب لا يشارك النصب، وفي غير الموجب يشاركه البدل راجحا، أو مرجوحا. والمراد بالموجب ما لم يشتمل عليه نهي أو نفي صريح أو مؤول، وغير الموجب ما اشتمل عليه بعض ذلك، وسيأتي الجميع مفصّلا إن شاء الله تعالى.
ثم قلت: "بها لا بما قبلها" مشيرا إلى الخلاف في ناصب المستثنى بإلّا، واخترت نصبه بها نفسها، وزعمت أني في ذلك موافق لسيبويه وللمبرد وللجرجاني وقد خفي كون هذا مذهب سيبويه على جمهور الشراح لكتابه. وأنا أستعين الله على بيان ما خَفى عليهم من ذلك بنصوص يعضد بعضُها بعضا، وبعد استيفاء ذلك أقيم الدلالة على صحته وفساد ما سواه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فمن ذلك قوله في الباب الثاني من أبواب الاستثناء بإلا يكون الاسم بعدها على وجهين: أحدهما ألّا تغيّر الاسم عن الحال التي كان عليها قبل أن تلحق، كما أن "لا" حين قلت: لا مرحبًا ولا سلامةً، لم تغيّر الاسم عن حاله قبل أن تلحق، فكذلك إلّا، ولكنها تجيء لمعنى كما تجيء لا لمعنى. والوجه الآخر أن يكون الاسم بعدها خارجا مما دخل فيه (عاملا فيه) ما قبله من الكلام، كما تعمل "عشرون" فيما بعدها إذا قلت: "عشرون درهما".
فجعل إلا نظيرة "لا" المحمولة على "إنّ" في أنّ ما تدخل عليه تارة تصادفه