إلا ألفين، فبان بهذا أن ألفين مخرج تقديرا.
ومن هذا القبيل قوله تعالى: (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا مَن اتّبعك من الغاوين) لأن العباد الذين أضافهم تبارك وتعالى إليه هم المخلصون الذين لا سلطان للشيطان عليهم، فلم يكن الغاوون فيهم فيخرجهم الاستثناء، وتفاوُت ما بينهم وبين المخلصين أعظم من تفاوت ما بين ألفين وألف بكثير، دليل ذلك حديث: "بعث النار" أعاذنا الله منها. فمعنى الآية والله أعلم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ولا على غيرهم، إلا مَن اتبعك من الغاوين. ومنهم من تجعل "من اتبعك" متصلا على أن يراد بالعباد المخلصون وغيرهم، والانقطاع مذهب ابن خروف، والاتصال مذهب الزمخشري. ذكره الكشاف.
ومن المخرج تقديرا قوله تعالى (لا عاصِم اليوم من أمر الله إلّا مَن رحِم) على إرادة لا من يعصم من أمر الله إلا من رحم، وهو أصحّ الوجوه، فمن رحم مستثنى منقطع لم يدخل فيما قبله فيخرج بإلا. لكن يقدّر كونه مخرجا بتقدير لا أحد يعصم من أمر الله، وبأن العاصم يستدعي معصوما فكان بمنزلة المذكور فكأنه مثل لا معصوم عاصم من أمر الله إلا من رحمه الله والله أعلم.
ومن المخرج تقديرا المستثنى السابق زمانه زمان المستثنى منه كقوله تعالى: (ولا تَنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) فما قد سلف وإن لم يدخل في المنهي عن نكاحِه فمن الجائز أن تكون المؤاخذة به باقية فبيّن تعالى بالاستثناء عدم بقائها، فكأنه قيل الناكح ما نكح أبوه مؤاخذ بفعله إلا ما قد سلف فيتناوله