فإن كان الفعل غير صالح للعمل فيما بعد الواو ولم تصلح "مع" في موضعها تعيّن إضمار فعل صالح للعمل، فمن ذلك قول الشاعر:

إذا ما الغانياتُ بَرزْنَ يوما ... وزجَّجْن الحواجبَ والعُيُونا

تنصب العيون بكحّلْن مقدّرا ولا يجوز غير ذلك لأن زججن غير صالح للعمل في العيون، وموضع الواو غير صالح لمع. وهذا معنى قولي "فإن لم يلق الفعل بتالي الواو جاز النصب على المعية، وعلى إضمار الفعل اللائق إن حسن "مع" في موضع الواو، وإلا تعيّن الإضمار".

وممّا يشبه المفعول معه ? وهو عند سيبويه مفعول به ? المنصوبُ بعد "حسبُك" وكفؤك وأخواتهما وبعد ويله وويلا له. قال سيبويه: "قالوا حسبك وزيدا درهم، لما كان فيه معنى كفاك وقبُح أن يحملوه على المضمر نووا الفعل كأنه قال حسبك ويحسِب أخاك درهم، وكذلك كفؤك، وأمّا ويلا له وأخاه، وويله وأباه، فانتصب على معنى الفعل الذي نصبه كأنك قلت: ألزمه الله ويله وأباه. وإن قلت ويلٌ له وأباه، نصبت لأن فيه ذلك المعنى، كما أن حسبك ترتفع بالابتداء، وجُعل لما فيه من معنى كفاك دليلا على فعل يوافقه معنى وهو يحسب. فكذا ويل له مرتفع بالابتداء وفيه معنى ألزمه الله ويلا، فجعل دليلا على فعل يوافقه معنى وينصُب أباه (ثم قال سيبويه) وأما هذا لك وأباك فقبيح، لأنه لم يذكر فعلا ولا حرفا فيه معنى فعل حتى يصير كأنه قد تكلم بالفعل".

قال محمد: كثر في كلام سيبويه التعبير بالقبح على عدم الجواز وقد استعمله قبلُ إذ قال في حسبك وزيدا درهم لما كان فيه معنى كفاك وقبح أن يحملوه على المضمر نووا الفعل، واستعمله أيضا في قوله: وأما هذا لك وأباك فقبيح.

والحاصل أن سيبويه قد أفصح بأن اسم الإشارة وحرف الجر المتضمن معنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015