وبهذا وجّه أكثر النحويين. وأما البيت الثاني فهو من باب: - وزجّجن الحواجِبَ والعُيونا- فنصب العين دالّ عليه زجّجن، تقديره: وكحّلْنَ العيونَ، فلو دعتْ ضرورة إلى التقديم لم يختلف التقدير، فكذلك أصل ولا ألقبه والسّوأة اللقبا، ولا ألقبه اللقب ولا أسوؤه السوأة فحذف أسوؤه لدلالة "اللّقبا" عليه، ثم قدّم مُضْطَرّا، وبقي التقدير على ما كان عليه. وأشرت بقولي "ويجب العطف في نحو أنت ورأيك" إلى أن كل موضع كانت الواو فيه بمعنى "مع" بعد ذي خبر لم يذكر أو ذُكر أو هو أفعل تفضيل فالعطف فيه لازم، لعدم فعل وما يَعْمل عمله، والمراد بعمله أن يكون من جنس ما ينصب مفعولا به، ولا خلاف في وجوب الرفع فيما أشبه المثالين المذكورين.
ومَن ادّعى جواز النصب في نحو كل رجل وضيعته على تقدير كل رجل كائن وضيعته فقد ادّعى ما لم يقله عربيّ فلا التفات إليه ولا تعريج عليه. ومما ورد مثل كل رجل وضيعتهن وأنت ورأيك قول العرب: الرجل وأعضادُها والنساء وأعجازُها، حكاه الأخفش، ومثله إنك ما وخيْرا، حكاه سيبويه، ومثله قول شداد أبي عنترة:
فمَن يكُ سائِلا عنّي فإنّي ... وجرْوَةَ لا تَرُودُ ولا تُعارُ
ولمجيء هذه الواو بعد مبتدأ أو بعد اسم إنّ قلت: "ويجب العطف" ولم أقل ويجب الرفع، فإن العطف بعد مبتدأ يرفع، وبعد اسم إن ينصب فعمّتهما العبارة. ثم قلت والنصب عند الأكثر أي ويجب النصب عند الأكثر في نحو مالك وزيدا،