ورد في كلامهم فينبغي أن يُحكم بذلك، ومن الوارد في ذلك قول الشاعر:
أكْنِيه حين أُناديه لأكرمَهُ ... ولا أُلَقِّبُهُ والسَّوْأةَ اللَّقَبا
ومثله قول الآخر:
جَمعتَ وفُحْشا غيبةً ونَميمةً ... خصالا ثلاثا لستَ عنها بمُرْعَوي
ولا حجة له في الشبهتين، أمّا الأولى فالجواب عنها من وجهين: أحدهما أن العاطفةَ أقوى وأوسع مجالا فحصل لها مزيَّةٌ بتجويز التقديم كقول الشاعر:
كأنّا على أولادِ أحْقبَ لاحَها ... ورَمْي السفا أنفاسها بسهام
جَنوبٌ ذوتْ عند التناهي وأنزلتْ ... بها يوم ذَبّابِ السَّبِيب صيامِ
والأصل لاحها جنوبٌ ورمى السفا، فقدم المعطوف على المعطوف عليه، لأن المعطوف بالواو تابع، نسبة العامل إليه كنسبته إلى المتبوع، فلم يكن في تقديمه محذور، بل كان فيه إبداء مزيّة للأقوى على الأضعف، فإن أشرك بينهما في الجواز خفيتْ المزيةُ. والثاني أن واو "مع" وإنْ أشبهت العاطفة فلها شبه يقتضي لها اللزوم مكان واحد كما لزمت الهمزة مكانا واحدا.
وأما الشبهة الثانية عن احتجاجه بالبيتين فضعيفة أيضا، إذ لا يتعيّن جعل ما فيهما من المنصوبين من باب المفعول معه، بل جعله من باب العطف ممكن وهو أولى، لأن القول بتقديم المعطوف في الضرورة مجمع عليه، وليس كذلك القول بتقديم المفعول معه.
أما البيت الأول فالعطف فيه ظاهر، لأن تقديره جمعت غيبة ونميمة وفحشا،